الشعوذة والشرك في الأضرحة والمزارات الساحلية.. سلا نموذجا

04 ديسمبر 2014 16:16
الشعوذة والشرك في الأضرحة والمزارات الساحلية.. سلا نموذجا

الشعوذة والشرك في الأضرحة والمزارات الساحلية.. سلا نموذجا

إبراهيم بيدون

هوية بريس – الخميس 04 دجنبر 2014

يتمتع بلدنا الحبيب المغرب بشريط ساحلي طويل، تطل عليه مدن كثيرة، منها ما له تاريخ عريق مليء بالأحداث والوقائع، وعاش بها أناس كانت لهم بصمة في مجريات الأحداث دينيا أو اجتماعيا، حتى جعل الناس من قبورهم بعد موتهم أضرحة، تمارس فيها أنواع من الخرافات والشعوذة، وتمارس في بعضها طقوس العبادة من طواف ودعاء وطلب قضاء الحوائج وغير ذلك.. بالإضافة إلى وجود أماكن منحت قدسية أو ارتبطت باسم موروث ديني أو تاريخي وصارت تمارس فيها تلك الأعمال القبيحة.

ومن تلك المدن الساحلية العريقة مدينة سلا العامرة بالأضرحة والزوايا التي بها قبور، بل حتى بعض مساجدها للأسف بنيت على قبور، أو تم الدفن فيها.. في خلاف صريح للنصوص الشرعية المحذرة من ذلك من قبيل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبـيائهم مساجد» الحديث..

فمن خلال جولة على ساحل المدينة بدء بداخل أسوارها نجد الضريح الشهير والكبير المسمى «سيدي أحمد بن عاشر»، الذي كان ملجأ للمرضى بالاضطرابات النفسية حيث كانوا يقطنونه مع بعض ذويهم لأجل طلب الاستشفاء، قبل أن يتم منع ذلك، ولكن بقي الضريح مفتوحا على الدوام تقصده النساء للتبرك وطلب قضاء الحوائج، ويمتلئ عشية كل جمعة بالزائرين، ويصلي الناس فيه مع النهي الوارد عن ذلك.

ثم بقربه ضريح سيدي بوخبزة، كما يوجد ضريح آخر بنايته متوسطة تابع للزاوية الحارثية يرقد فيه شيخهم سيدي عبد القادر الحارثي.

وبين سور المدينة العالي المطل على المنطقة الساحلية المسماة «لبريمة» ومياه المحيط يوجد شريط صخري يخترقه تجويف عبارة عن ممر، ممتلئ بالماء قدر متر، ويحدث صوتا مدويا عند هيجان البحر بسبب قوة الأمواج، هذا المكان اختار له بعض الجهال اسم «غار عيشة»، وتقام عنده بعض أعمال الشعوذة، كما يخوف منه بأنه مسكون بالجن، وقد مررت به ولا وجود لشيء من تلك المزاعم.

وإذا ابتعدنا عن السور التاريخي للمدينة القديمة بمحاذاة الشريط الساحلي لحي سيدي موسى بقرابة 3 كيلومترات، نجد الضريح الذي أطلق اسم الحي على اسمه، والذي لا يبعد عن الجرف الصخري للساحل سوى حوالي عشرة أمتار، وهذا الضريح هو الآخر تقصده النساء والشيوخ ممن لا علم لهم بخطورة التبرك بالأحجار والقبور، وبالاستعانة وطلب قضاء الحوائج من المقبور، ويمتلئ بالزوار عشية يوم الإثنين، حيث تقام الحضرة، من خلال موسيقى كناوة التي تتمايل معها أجساد النساء والفتيات، قبل أن يتبركن بدماء الذبيحة التي يتقرب بها سدنة الضريح إلى الراقد بين جدرانه، لأجل طرد السحر أو الثقاف المعقود على أجساد المرضى.

الشعوذة والشرك في الأضرحة والمزارات الساحلية.. سلا نموذجا

وبالقرب من هذا الضريح يوجد أخطر مكان يشرك فيه بالله عز وجل في المنطقة، فعلى بعد حوالي 20 متر من ضريح سيدي موسى في اتجاه القصبة التاريخية المسماة «قصبة كناوة»، وعلى امتداد الساحل، يوجد «جرف صخري» به غار وصخور بحرية، زعم المتاجرون بعقائد الجهال أنه مكان مقدس تحل به الولية «لالة عيشة مولات لكاف»، أو كما يسميها بعض المجاذيب في الضريح بالشريفة، التي تتجول في المكان دون أن يراها الزائرون ثم تنثر بركاتها على الحاجين لغارها الذي لطالما كانت زيارته سببا لغرق فتاة جاءت تطلب منها التيسير في الزواج، وقربت إليها النذور والذبائح1، ولأجل أن تحصل على ذلك فإن من الطقوس التي يجب أن تقوم بها، هي أن تغتسل بماء سبعة أمواج، لكن بدل أن تذهب ببلل هذه الأمواج، كان مصيرها أن ابتلعها البحر دون أن تتزوج أو أن تعيش بدون زوج.

وحسب جريدة الأخبار (ع:417) التي زارت المكان، فإن أحد المجاذيب في الضريح ادعى: «أن بركات لالة عيشة»، تكمن في فك «الثقاف» الذي قد يعاني منه الأزواج ليلة الدخلة، ويزيل «لعْكس» الذي يمنع عن البكر الأزواج ويكرههم فيها، كما يسهل الحمل وإن كان العقم ثابتا بالطب وقائما لسنوات.

أما «سيدي موسى»، فهو متخصص إلى جانب تزويج «البايرات»، في علاج «المجنون»، و«المسحور»، و«المغموم»، وزرع القبول أمام شاب يبحث عن وظيفة أو تحسين المدخول، كما تلجأ إليه المتخوفات من سرقة أزواجهن، أو الراغبات إلجام «زيغتهم».

إلى جانب كل هذا تنتشر على جنبات الضريح نسوة منقبات يزعمن قراءة الطالع سواء عبر «هزان الخط»، أو «ضريب الكارطة»، في حين تنشغل أخريات في فك السحر و«لعكس» عن طريق الرصاص المعروف باسم «اللدون»..» اهـ2.

الشعوذة والشرك في الأضرحة والمزارات الساحلية.. سلا نموذجا

كل هذه الشركيات والخرافات والشعوذة تقع في مثل هذا الضريح وأضرحة كثيرة أخرى، ولا يتم التدخل من طرف حماة الأمن الروحي والعقدي، بل إننا نجد أن السلطات تحمي هاته الأمكنة، حتى سيطر عليها الدجالون، وارتاد الاسترزاق فيها المجرمون من أهل السكر والمجون.

إن المسلم الذي يملك عقيدة صحيحة يؤمن بأن الذي يقدر على قضاء تلك الحوائج هو الله عز وجل النافع الضار، والرازق المنعم المدبر، وأن اعتقاد ما يفعله أولئك الجهلة إشراك به سبحانه، إذ يتعلق الجهال بمن لا يوجد على فعل ما لا يقدر عليه، وأنى لمقبور أو شخصية خرافية أن تقوم بقضاء تلك الحوائج، والمقبور في ديننا يحتاج منا الدعاء إذا زرنا قبره زيارة شرعية، أما الأضرحة فلا يجوز بناؤها، إذ نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البناء على القبور.

ثم إن دعوى فتح الأضرحة لاستقبال الناس مع قيام أهل الصلاح والعلم بتربية الناس وتوجيههم وهي الدعوى التي أطلقها وزير الأوقاف، دعوى باطلة لأن هاته الأماكن بها قبور والواجب على المسلم في زيارة القبور الاتعاظ برؤيتها والترحم على من فيها، لا طلب الراحة والسكينة والطمأنينة، وذكر الله والصلاة فيها كما زعم أحد الباحثين على الهواء في إحدى قنواتنا الوطنية.

ثم لنا أن نتساءل: كيف يعقل أن نغلق أبواب المساجد على مدار اليوم سوى أوقات الصلاة في وجه المؤمنين، ثم نفتح الأضرحة على مدار اليوم، وهي التي تمارس في كثير منها هذه الشركيات والظلاميات؟

أليس من الواجب إعادة فتح المساجد على مدار اليوم واسترجاع الكثير من الأدوار الإصلاحية والتربوية التي كان يقوم بها المصلحون والدعاة في المساجد؟

ومن ذلك غرس العقائد الصحيحة الخالية من أعمال الشرك والصافية من تصديق الخرافات، مع ربط الناس بخالقهم القادر على كل شيء سبحانه، وهو المدبر للكون لا شريك له في ذلك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- ويذكر أن المحيط قد قذف في حادثة المد البحري التي عرفتها المنطقة بداية هذا العام، مجموعة من الدجاج الذي ذبح في هذا المكان ورمي في البحر، وكذلك مجموعة قطط بأفواه مخاطة تستعمل في أعمال الشعوذة والسحر..

2- ناهيك عن التحرش والاستغلال الجنسي الذي يمارس على بعض الزائرات، من طرف الدجالين والمجرمين..

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M