توضيح وبيان للإخوان والخلان

03 سبتمبر 2013 22:16

طيب العزاوي

هوية بريس – الثلاثاء 03 شتنبر 2013م

على إثر ما وقع بين شيخنا الوالد العلامة محمد المغراوي وبين بعض إخواننا من أبنائه وتلاميذه الأفاضل الكرام، ممن نحبهم ونحترمهم.. وحيث أن الأمر استشكل على بعض الناس من ذوي النيات الصالحات والأنفس الزكيات.. واستفحل على المواقع الإلكترونية والتواصلية بل صار حديثَ بعض الصحف المحلية.. واستغله البعض الآخر ممّن لا خلاق لهم -هداهم الله- للطعن في الشيخ أو في أبنائه وتلاميذه أو في دور القرآن، بل وفي المنهج السلفي!!

أحببت أن أوضح وأبين ما يلي:

لا نشك في علم شيخنا العلامة المغراوي ولا في دعوته وجهاده ومواقفه وغيرته على الإسلام: أصوله وثوابته وقضاياه.. وتاريخُه الدعوي والعلمي الحافل أكبر شاهد على ذلك، زد على ذلك ثناءَ كبار العلماء والدعاة عليه؛ ومؤلفاتِه الكثيرةَ والمتنوعةَ.. ولا نشك في صدق وغيرة إخواننا -أبنائه وتلاميذه- الأفاضل الساعين لنصرة قضايا الإسلام والمسلمين..

لكن ثمة أمر مهم يجب التفطن إليه، وهو أن رؤية العالم للأمور والأحداث ومآلاتها ليست كرؤية غيره من طلبة العلم والدعاة..

لهذا أُمرْنا بالرجوع إلى العلماء، ويتأكد ذلك في المحن والفتن المدلهمات.. قال الله عز وجل: “ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم”..

لهذا “كان ترك الاعتراض على العلماء المعروفين في الأمة بالعلم والأمانة والعدل أمر محمود، إذ على طالب العلم أن يتهم رأيه عند رأي الأجلة من أهل العلم، ولا يبادر بالاعتراض قبل التوثق”؛ وليس هذا تقديسا لشخصهم ولا تعصبا لرأيهم كما يزعم البعض هداهم الله، قال الإمام الشاطبي رحمه الله: (إن العالم المعلومَ بالأمانة والصدق والجري على سنن أهل الفضل والدين والورع إذا سئل عن نازلة فأجاب، أو عرضت له حالة يبعد العهد بمثلها، أو لا تقع من فهم السامع موقعها أن لا يواجه بالاعتراض والنقد، فإن عَرض إشكال فالتوقف أولى بالنجاح وأحرى بإدراك البُغية إن شاء الله تعالى) [الموافقات/324].

ومن أعظم الشواهد على هذا الأصل العظيم وأبينها؛ قصة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم معه يوم الحديبية بعد كتابة وثيقة الصلح مع قريش، وكان أشد الصحابة اعتراضا عمر بن الخطاب رضي الله عنه- والقصة في الصحيحين-.

وثمة أمر آخر لا يقل أهمية على ما سبق، وهو مراعاة رتب ومنازل العلماء، ومنه “مراعاة السِّنِّ، فإن العلم تراكمي فكلما امتد الزمان بالإنسان ازداد علما وتجارب. وقد ثبت أن من أشراط الساعة تصدر الصغار والتماس العلم عندهم، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن من أشراط الساعة أن يُلتمس العلم عند الأصاغر).

وذمَّ السلف الأخذَ عن الصغار، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (فساد الدين إذا جاء العلم من قبل الصغير استعصى عليه الكبير، وصلاح الناس إذا جاء العلم من قبل الكبير تابعه عليه الصغير) [فتح الباري 1/301]. وفي رواية: (ألا وإن الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم ولم يقم الصغير على الكبير، فإذا قام الصغير على الكبير فقد) أي: فقد هلكوا.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (إنكم لن تزالوا بخير مادام العلم في كباركم، فإذا كان العلم في صغاركم سَفَّه الصغير الكبير) [جامع بيان العلم وفضله 1/159].

وقد صار -لزاما- التعرف والتعريف بالعلماء وحقيقتهم والفرق بينهم وبين غيرهم من طلبة العلم والدعاة والوعاظ والقصاص والمفكرين والمثقفين واجبَ الوقت.. فقد فُتن كثير من الناس ببعض الدعاة والوعاظ والمفكرين.. وأولعوا بقدراتهم وأساليبهم وظنوا أن من كثر كلامه وجداله فهو دليل على تقدمه في العلم والمعرفة!!

ولله در الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله القائل: “وقد فتن كثير من المتأخرين بهذا، وظنوا أن من كثر كلامه وجداله وخصامه في مسائل الدين فهو أعلم ممن ليس كذلك، وهذا جهل محض، وانظر إلى أكابر الصحابة وعلمائهم كأبي بكر وعمر وعلي ومعاذ وابن مسعود وزيد بن ثابت كيف كانوا؟ كلامهم أقل من كلام ابن عباس، وهم أعلم منه. وكذلك كلام التابعين أكثر من كلام الصحابة، والصحابة أعلم منهم. وكذلك تابعوا التابعين، كلامهم أكثر من كلام التابعين، والتابعون أعلم منهم.

فليس العلم بكثرة الرواية، ولا بكثرة المقال، ولكنه نور يقذف في القلب، يفهم به العبد الحق، ويميز به بينه وبين الباطل، ويعبر عن ذلك بعبارات وجيزة محصلة للمقاصد [بيان فضل علم السلف على علم الخلف: ص57-58]..

هذا ما أردت توضيحه وبيانه في هذه العجالة، سائلا المولى عز وجل أن يلهمني الإخلاص والصواب فيما رمت إليه، وأن يجعله سببا لجمع الكلمة وتوحيد الصف.. كما أسأله عز وجل بعزته وقدرته وعظمته أن ينصر إخواننا المستضعفين والمجاهدين في بورما وفلسطين والعراق وسوريا ومصر وباقي بقاع المعمورة..

اللهم احقن دماءهم واجمع شملهم وألف بين قلوبهم.. اللهم انصرهم نصرا تعز به الإسلام والمسلمين وتذل به الشرك والمشركين والخونة والمنافقين.. آمين.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M