مناظرة تحت بريق السيف!!!

30 ديسمبر 2014 01:15
مناظرة تحت بريق السيف!!!

مناظرة تحت بريق السيف!!!

هوية بريس – متابعة

الثلاثاء 30 دجنبر 2014

قال الشعبي: كنت بواسط، وكان يوم أضحى، فحضرت صلاة العيد مع الحجاج، فخطب خطبةً بليغة، فلما انصرف جاءني رسوله فأتيته، فوجدته جالساً مستوفزاً، قال: يا شعبي هذا يوم أضحى، وقد أردت أن أضحِّي برجل من أهل العراق، وأحببت أن تسمع قوله، فتعلم أني قد أصبت الرأي فيما أفعل به.

فقلت: أيها الأمير، لو ترى أن تستن بسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وتضحي بما أمر أن يضحي به، وتفعل فعله، وتدع ما أردت أن تفعله به في هذا اليوم العظيم إلى غيره.

فقال: يا شعبي، إنك إذا سمعت ما يقول صوبت رأيي فيه، لكذبه على الله وعلى رسوله، وإدخاله الشبهة في الإسلام.

قلت: أفيرى الأمير أن يعفيني من ذلك؟

قال: لا بدّ منه.

ثم أمر بنطع فبسط، وبالسيّاف فأُحضر، وقال: أحضروا الشيخ، فأتوه به، فإذا هو يحيى بن يعمر، فأغممت غماً شديداً، فقلت في نفسي: وأي شيء يقوله يحيى مما يوجب قتله؟

فقال له الحجاج: أنت تزعم أنك زعيم أهل العراق؟

قال يحيى: أنا فقيه من فقهاء أهل العراق.

قال: فمن أي فقهك زعمت أن الحسن والحسين (عليهما السَّلام)، من ذرية رسول الله (صلى الله عليه وآله).

قال: ما أنا زاعم ذلك، بل قائل بحق.

قال: وبأي حق قلت؟

قال: بكتاب الله عز وجل.

فنظر إليَّ الحجاج، وقال: اسمع ما يقول، فإن هذا مما لم أكن سمعته عنه، أتعرف أنت في كتاب الله عز وجل أن الحسن والحسين من ذرية محمّد رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟

فجعلت أفكر في ذلك، فلم أجد في القرآن شيئاً يدل على ذلك.

وفكر الحجاج ملياً ثم قال ليحيى: لعلك تريد قول الله عز وجل: {فَمَنْ حَاجَّكَ فيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ العِلمِ فَقُلْ تَعَالَوا نَدعُ أَبْناءَنا وأَبْنَاءَ كم ونِساءَنا ونِساءَ كُم وأنفُسَنا وأنفُسَكم ثُمَّ نَبتَهِل فَنَجعَل لَعنةَ اللهِ عَلَى الكاذبينَ} وأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج للمباهلة ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السَّلام).

قال الشعبي: فكأنما أهدى لقلبي سروراً، وقلت في نفسي: قد خلص يحيى، وكان الحجاج حافظاً للقرآن.

فقال له يحيى: والله، إنها لحجة في ذلك بليغة، ولكن ليس منها أحتج لما قلت.

فاصفرَّ وجه الحجاج، وأطرق ملياً ثم رفع رأسه إلى يحيى وقال: إن جئت من كتاب الله بغيرها في ذلك، فلك عشرة آلاف درهم، وإن لم تأت بها فأنا في حلٍ من دمك.

قال: نعم.

قال الشعبي: فغمَّني قوله فقلت: أما كان في الذي نزع به الحجاج ما يحتج به يحيى ويرضيه بأنه قد عرفه وسبقه إليه، ويتخلص منه حتى رد عليه وأفحمه، فإن جاءه بعد هذا بشيء لم آمن أن يدخل عليه فيه من القول ما يبطل حجته لئلا يدعي أنه قد علم ما جهله هو.

فقال يحيى للحجاج: قول الله عزّ وجلّ {ومِن ذُرِّيتِهِ داوُدَ وسُلَيْمانَ} من عنى بذلك؟

قال الحجاج: إبراهيم (عليه السَّلام).

قال: فداود وسليمان من ذريته؟

قال: نعم.

قال يحيى: ومن نص الله عليه بعد هذا أنه من ذريته؟

فقرأ يحيى: {وَأَيّوبَ ويوسُفَ وموسى وهارونَ وكذلِكَ نَجْزي المُحسنينَ}.

قال يحيى: ومن؟

قال: {وَزَكَريا ويَحيى وعِيسى}.

قال يحيى: ومن أين كان عيسى من ذرية إبراهيم (عليه السَّلام)، ولا أب له؟

قال: مِن قِبَل أُمّه مريم (عليهما السلام).

قال يحيى: فمن أقرب: مريم من إبراهيم (عليه السَّلام)، أم فاطمة (عليها السلام) من محمّد (صلى الله عليه وآله)؟

قال الشعبي: فكأنّما ألقمه حجراً.

فقال: أطلقوه قبَّحَه الله، وادفعوا إليه عشرة آلاف درهم لا بارك الله فيها.

ثمّ أقبل عليَّ فقال: قد كان رأيك صواباً ولكنّا أبيناه، ودعا بجزور فنحره وقام فدعا بالطعام فأكل وأكلنا معه، وما تكلّم بكلمة حتى افترقنا ولم يزل ممّا احتجّ به يحيى بن يعمر واجماً.

(رواها غير واحد من العلماء؛ محدثين ومؤرخين ومفسرين؛ ومنهم الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره (2/156)(.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M