مصطفى الرميد يرد على وزير العدل عبد اللطيف وهبي
هوية بريس – متابعات
عبر مصطفى الرميد، وزير العدل الأسبق، عن تحفظه من رسالة عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، إلى هيئة المحامين بالدار البيضاء، يؤكد من خلالها على مسألة تجميع المحاكم في قصر للعدالة على مستوى مدينة زناتة.
رسالة عبد اللطيف وهبي حددت مدينة زناتة، التي تبعد بحوالي 17 كيلومترا عن قلب مدينة الدار البيضاء، كفضاء لتجميع هذه المحاكم.
وفي هذا الصدد، قال مصطفى الرميد، وزير العدل الأسبق، في تدوينة له عبر صفحته على الفيسبوك، جاء فيها:
” تجري وزارة العدل مشاورات مع بعض المهنيين، خاصة هيئة المحامين بالدار البيضـــــاء ،بشان بناء قصر العدالة بمنطقة ازناتة، بديلا عن بنايات المحاكم الحالية بالدائرة القضاىية للدار البيضاء ، من اجله ، ارى من واجبي باعتباري مسؤولا سابقا عن الوزارة المذكورة، خبرت الموضوع من جميع جوانبه، وباعتباري حاليا محاميا بالهيئة المعنية، ان ادلي بالملاحظات التالية:
اولا: مبدئيا، ان بناء قصر جامع لكافة محاكم البيضاء، يفترض ان يكون قرارا صائبا ومفيدا، لعدة اعتبارات لاتخفى على احد ، لولا أن الدار البيضاء بها حاليا بنايات لائقة ، بل ان بعضها جد جيدة، موقعا وسعة وجمالية، تستجيب لحاجات العدالة، ماعدا المحكمة الزجرية التي تعطلت أشغال توسعتها للاسف الشديد لاسباب غير معروفة منذ سنوات ، ولا شك انها بمجرد اكتمال بنائها، ستصبح جميع البنايات الستة ، قصور عدالة مشرفة ، لذلك يثور التساؤل حول مصير هذه القصور الضخمة والمكلفة، هل ستكون لها وظائف جديدة؟ ماهي؟ام سيكون مصيرها الهدم لتشيد على انقاضها مشاريع اخرى لفائدة صندوق الايداع والتدبير حسبما هو مقرر، فهل يجوزذلك؟ الايعتبر ذلك تبديدا لاموال عمومية لايجوز باي حال اقراره فضلا عن مباركته؟
ثانيا:أن الانتقال الرقمي الذي يعرفه العالم، والذي انخرطت فيه بلادنا ، وان بشكل مضطرب ومتفاوت ، لكنه واجب وحتمي، لايجوز التردد في تفعيله، وبلوغ مقاصده، سيجعل ان تحقق من قرب المحاكم او بعدها، مجموعة او متفرقة، سيجعل ذلك كله، موضوعا ثانويا بالنسبة للمحامي ، ذلك ان هذا الاخيرلن يكون في حاجة الى التنقل الى المحكمة الا لحضور القضايا الزجرية، وجلسات الابحاث، اما ماعداذلك، فان الرقمنة تقتضي تسجيل القضايا والأداء عنها، وتبادل المذكرات، ومراقبة الاجراات، كل ذلك وغيره سيكون انجازه عن بعد ،بطريقة إلكترونية.
وهكذا، فان المهم _ حسب رايي -بالنسبة للمحامين بالبيضاء، هو؛
1)؛ تسريع استكمال الإصلاحات الجارية حاليا بالمحاكم ،خاصة المحكمة الزجرية.
2) تسريع الرقمنة، ليصبح المحامي قادرا على التعامل مع المحاكم عن بعد، ولا يحتاج الى التنقل اليها الا استثناء كما ذكر اعلاه.
جدير بالذكر ان ميثاق اصلاح منظومة العدالة الذي صادق عليه جلالة الملك، نص على وجوب تحديث الخدمات القضاءية بإرساء مقومات المحكمة الرقمية، وكان المامول اتمام ذلك قبل نهاية السنة الجارية2022، لكن الملاحظ ان هناك تراخيا واضحا في هذا الصدد، ان لم نقل تباطؤا غير مقبول، في الوقت الذي تعرف قطاعات اخرى تطورا ملحوظا على هذا الصعيد.
لذلك فانه عوض صرف المال العام على موضوع تبدو اهميته غير راجحة، وغير مؤكدة ،يتعين صرفه على البنيات التحتية الالكترونية، وعلى تكوين كافة المتدخلين لتاهيلهم ليكونوا في مستوى تحدي المحكمة الرقمية ، التي هي واجب الوقت، وانجازها هو الإنجاز الذي تهون أمامه كل الانجازات ، والفشل فيها، لاقدر الله، هو الفشل في مواكبة استحقاق ضروري ومؤكد.
ثالتا:استطرادا نضيف، ان جمع المحاكم في بناية واحدة لو كان سيتم في عقار داخل البيضاء ، خاصة وسطها ، قريبا من عموم المواطنين،و مكاتب عموم المحامين والقضاة والموظفين ، لكان ذلك مقبولا وانجازا هاما، اما وان مقرها المقترح هو مدينةازناتة، فهل سيتم تقريب المحاكم ام ابعادها؟
الغريب ان مذكرة وزارة العدل التي اسست للتشاور تشير الىمشاريع سكنية للقضاة والموظفين، لكنها لاتقدم اي اشارة بالنسبة لمكاتب المحامين؟فما العمل؟ هل ينقلونها جميعا الى زناتة ام ماذا؟؟ مع العلم ان القضاة و الموظفين مستقرين في الغالب قريبا من مقرات المحاكم الحالية، فهل سيمثل المقر المقترح حلا بالنسبة اليهم ام مشكلا اضافيا؟
الغريب ايضا ،ان المذكرة تثحدت عن خط الحديد الذي من المقرر ان يربط بين وسط المدينة وزناتة، اي ان على القاضي والمحامي والموظف، اضافة الى المواطن ان ينتقل مرتين، مرة الى وسط المدينة ، ومرة اخرى من وسط المدينة الى مقر المحكمة بزناتة،اما اذا اراد ان يستعمل سيارته، فعليه ان يقطع الطريق الدائري الذي يعرف في اوقات الذروة ازدحاما لانظير له ، يجعل من العسير الوصول في الوقت، خاصة ان الحوادث فيه كثيرة، وما على من يهمه معرفة ذلك الا ان يجرب السير فيه بين الثامنة والتاسعة صباحا، وكذلك مساء ،وقت الذروة…
اننا لانشكك في نية القائمين على الوزارة حينما يقترحون موقع ازناتة فضاء لقصر العدالة، لكن المؤكد ان مشروع مدينة زناتة ،الذي يشرف عليه صندوق الإيداع والتدبير يعاني من مأزق التسويق،لذلك فان الاقتراح المذكور سيصب في النهاية ، في مصلحة الصندوق المذكور، اكثر من خدمته لمرفق العدالة، ولو انه كان في مصلحة العدالة اولا، ثم في مصلحة الصندوق المذكور ثانيا ، لكان ذلك مفيدا بل أمرا مطلوبا.
لذلك يمكن القول، ان المشروع المقترح، لن يقرب االمحاكم من عموم المواطنين، و عموم القضاة والمحامين والموظفين، بقدر ما سيجعلها جد بعيدة ، والتنقل اليها جد شاق ومكلف.
مرة اخرى، ان قرار بناء قصر واحد للعدالة بالبيضاء كان سيكون جيدا ، لو لم تكن بالبيضاء حاليا بنايات للمحاكم على العموم جد لائقة، بل انها ضخمة ومكلفة، ومن شأن هدمها لاي سبب كان ان يمثل تبذيرا للمال العام، وتبديدا مجرما، لايجوز لمسؤولي هذه المرحلة او غيرها، الوقوع فيه مطلقا، خاصة ان احدى البنايات تعرف توسعة كبيرة، والباقي عرف اما التوسعة او الاصلاح بتكاليف هامة.
ان بلادنا في حاجة الى ترشيد امكانياتها، وصيانة اموالها من العبث والمزاجية، خاصة وان هذه الإمكانيات والاموال تبقى محدودة والحاجيات متعددة وكثيرة.
وعوض ذلك، نرجو التوفيق لوزارة العدل في انجاز المحكمة الرقمية في اقرب الآجال، لأنها الحل الأمثل لمعظم المشاكل الحالية، وهي الأمل المنشود ، لمواكبة التطور الرقمي العالمي والوطني الذي مازالت المحاكم دونه بكثير”.