ترند “هدية الأستاذ؟”
هوية بريس – الشيخ مصطفى العلوي
رأيت أحد الناشرين في هذا الفيس يمنع الهدايا التي قدمت للأساتذة بدليل منع هدايا العمل.
لا ريب أن هدايا العمال ممن لهم أجرة الوظيفة -سواء كانت عامة أم خاصة- الأصل فيها المنع لما ورد من النصوص في ذلك.
لكن هذا الواقعة الظاهر عدم دخولها في هذا الحكم لأمور، منها:
1- منع هدايا العمال حكم مدرك المعنى، فليس تعبديا، ويراعى في هذا المعنى قصد المهدي، ويعرف ذلك بالقرائن الحالية، ومدار المعنى “استمالة الموظف” بالتأثير في وظيفته بالهدية، كهدية القاضي ليحكم، وهدية الموظف ليقوم بأمر يجب عليه القيام به بمقتضى العقد، ونحو ذلك.
والهدية المقدمة للأساتذة بهذا الشكل الموجود ليس فيه شائبة قصد للتأثير في عمله الوظيفي، فلو كانت الهدية وقت الامتحان لكانت مظنة شبهة وتهمة، ولو كانت هدية ذات قيمة مادية بينة لكانت محل شبهة أيضا، أما وأنها مجرد هدية رمزية فلا شبهة فيها، ولا يتحقق فيها معنى “هدايا العمال”، فلا منع، والله أعلم.
2- نص جمهور الفقهاء على تخصيص المنع بصورة الإذن من رب العمل، كإذن الدولة في الوظيفة العامة، أو إذن صاحب الشركة للعمال في شركته الخاصة، والإذن قد يكون صريحا، وقد يكون معروفا عرفا..
والظاهر من حال هذه الهدايا المقدمة للأساتذة أن الجهات المستخدمة لهم أذنت فيها؛ إذ لم ينصوا على المنع قبلا ولا بعدا..
3- مما خصص به المنع أيضا: كون الهدية ذات منفعة بينة ظاهرة، والواقع أن إهداء كعكة أو نحوها لا يعدو أن يكون اعترافا بالجميل، ودلل التلاميذ على ذلك بهذه الهدايا الرمزية، التي يغلب على الظن أن الأستاذ قد لا يأكلها ولن يبيعها ولن يستفيد منها فائدة مادية مباشرة..
4- ومما يقوي الجواز ما آل إليه أمر التعليم من تحقير الأستاذ، وتعظيم البله الحمقى من الفكاهيين وأمثالهم، وهؤلاء الأساتذة أحق بالاحترام والتعظيم والاعتراف بجميلهم، فوجود مثل هذا من دواعي الفرح بالحال، فلو كانت فيه مفسدة لكانت مصالحه أرجح منها، فتقدم ويحكم بجواز هذا.
والله أعلم.