المغرب بين التهدئة والتهنئة

06 يوليو 2013 15:40

إبراهيم بيدون

هوية بريس – السبت 06 يوليوز 2013م

 

جاء انقلاب العسكر في مصر على الشرعية الرئاسية، بعد ضغط حركة تمرد لأجل عزل الرئيس، وخروجهم للميادين يوم 30 يونيو المنصرم، والتي قابلتها اعتصامات المؤيدين التي انطلقت قبل ذلك التاريخ، وبلغت قبيل الانقلاب العسكري إلى 8 ملايين متظاهر كلهم خرجوا لتأييد بقاء الرئيس محمد مرسي، والتمسك بشرعيته، ضد المتمردين، وضد أي انقلاب من طرف العسكر.

ولكن بعد الانقلاب العسكري الذي أفرح فصائل المتمردين المكونة من: فلول النظام السابق، والعلمانيين، والنصارى، والصوفية، ومن يشارك في الانقلاب من قوى الاستكبار العالمي، أبدى المغرب كموقف أول تحفظه؛ حيث أكد وزير الاتصال والناطق باسم الحكومة المغربية مصطفى الخلفي موقف المغرب حيال مصر الداعي إلى “ضرورة الوحدة الوطنية لهذا البلد مع الأمن والاستقرار، وعلى تحقيق التطلعات المشروعة للشعب المصري في ظل الحرية والديمقراطية”.

وهو ما استبشر به الأخيار في بلدنا الذين رفضوا عودة نظام مبارك بصيغة جديدة، وخرج عدد منهم يستنكر هذا الانقلاب العسكري الذي يذكر الجميع بانقلاب الجزائر سنة 1992م وما جره على البلاد والعباد من مآسي لا زالت معاناتها مستمرة  لحد الساعة.

وفي المقابل سرعان ما أظهر إخوان تلك الفصائل المتمردة في مصر من بني جلدتنا فرحهم ودعمهم للانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي، حيث أعرب حزب “الأصالة والمعاصرة” في بيان له عن تأييده للانقلاب لأن فيه “حماية المؤسسات والديمقراطية، وإن كان يبدو منافيا للقانون”.

ولكن ما لم يستسغه الكثير من المغاربة هو إرسال برقية تهنئة من طرف الملك محمد السادس إلى عدلي منصور الرئيس المؤقت لجمهورية مصر بمناسبة تقلده مسؤولية الرئاسة المؤقتة.

حيث جاء فيها “وأعرب جلالة الملك، في هذه البرقية، عن تهانئه الخالصة للرئيس المصري المؤقت ومتمنياته له بالتوفيق والسداد في الاضطلاع بهذه المهمة السامية والجسيمة، لتحقيق تطلعات وطموحات الشعب المصري العريق في غد أفضل، سمته الاستقرار والازدهار والنماء، والوصول ببلاده إلى أعلى مراتب الرفعة والتقدم”.

وهنا يطرح العديد من المتتبعين سؤالا كبيرا مضمونه؛ لماذا سارعت بعض الدول العربية إلى مباركة هذا الانقلاب العسكري رغم أمور عديدة منها:

– الانقلاب غير قانوني ومخالف لدستور مصر؛ وهو ما جعل منظمة الوحدة الإفريقية تعلق عضوية مصر إلى حدود استرجاع الرئيس الشرعي.

– عدد من الدول الغربية رفضت هذا الانقلاب.

– ازدواجية الموقف الأمريكي وعدم تسرعه في الإعلان عن الموقف الرسمي.

– ثم إن الأوضاع في مصر لم تستقر بعد؛ حيث خرج 30 مليون مصري للميادين والشوارع كلهم يرفضون الانقلاب، ويطالبون بإسقاط حكم العسكر، وعودة الرئيس الشرعي محمد مرسي، ما جعل الكثير من المنظرين يذهبون إلى حدّ القول بفشل هذا الانقلاب.

ومما جاء في البرقية أيضا “وإني على ثقة أنكم لن تدخروا جهدا، بتعاون مع باقي القيادات الوطنية الحكيمة، لإدارة شؤون البلاد خلال هذه المرحلة الانتقالية الحاسمة، وفق خارطة الطريق المعلنة، بما يستجيب لانتظارات شعب مصر الأصيل، ولطموحاته المشروعة إلى الحرية والديمقراطية والتنمية، والعيش الكريم، في ظل الوحدة والأمن والاستقرار، ولاسيما عبر تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية”.

وهذه الأمور التي طالبت بها البرقية تتناسق وتتوافق مع الوضع الشرعي، حيث كان هناك رئيس حريص على تحقيق هذه المطالب لولا المؤامرات والمعيقات التي تعتمدها فصائل التمرد منذ اليوم الأول من إعلان أول رئيس شرعي منتخب للبلاد.

إن انتظارات الشعب المصري الأصيل قائمة الآن حول ما يعبر عنه أكثر من 30 مليون محتج ومتظاهر ومعتصم في كل ربوع جمهورية مصر، من ضرورة عودة الرئيس الشرعي، ومحاكمة من يقف وراء الانقلاب، ومن يقتل الآن أبناء مصر بالرصاص الحي، وهذه الأمور من أخص تجليات طموحات الشعب المصري المشروعة إلى الحرية والعدالة الاجتماعية والتنمية.

وأما الأمن والاستقرار فالحكومة والشعب المصري حريصين عليهما دوما، ولكن فصائل التمرد كانوا دائما ما يعبثون بهما في عدد من الأحداث، وعندما وجدوا أنفسهم أمام الباب المسدود لفرض أجنداتهم المرفوضة عند غالبية المصريين، أعلنوا التمرد لكنه لم يفلح هو الآخر، لتكون النتيجة انقلاب عسكري فاقد للشرعية والقانونية.

وبالنسبة لتنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية؛ فلن تكون سوى تمثيلية ستؤخر البلاد عن سيرها في ظل الشرعية الآن، لأنها لن تفرز مرة أخرى سوى القوى التي تحكم الآن، وربما بنسب أكثر، ولكم في 30 مليون عبرة يا أولي الألباب!!

 

هذا فيما يخص التهدئة والتهنئة في مصر، فكيف سيكون حال المغرب مع انطلاق شرارة حركة التمرد المغربية التي قررت تدشين احتجاجاتها يوم 18 غشت القادم، مرة أخرى أقول: ولكم في تمرد مصر عبرة يا أولي الألباب!!

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M