آسفي.. مَدِينَتُنَا العَائِمَةُ دَوْما!

22 نوفمبر 2018 22:47
آسفي.. مَدِينَتُنَا العَائِمَةُ دَوْما!

هوية بريس – عبد الله النملي
انتظر المغاربة سقوط الأمطار بشغف كبير، وأدوا الصلاة ورفعوا أكفهم بالدعاء حتى يسقي الله عباده وبهيمته ويروي أرضه، غير أن نزول كمية من التساقطات جعلت شوارع آسفي تتحول إلى بحيرات مائية، ودفعت العديد من المواطنين إلى قراءة اللطيف حتى الصباح الباكر، بعد أن غمرت مياه الأمطار الأحياء والأزقة والشوارع الرئيسية وبعض الدور السكنية حتى الرُّكب، حيث عاشت بعض الأحياء في عزلة شبه تامة، نتيجة اجتياح مياه الأمطار للبيوت ومحاصرة الأزقة والشوارع، بسبب عدم استيعاب قنوات الصرف الصحي للأمطار المتهاطلة، والاختناقات الناجمة عن تقصير المسؤولين في تنقية شبكات التطهير السائل، بعد أن جعلوا وظيفتهم تقتصر على مُجرد استخلاص إتاوات التطهير من المواطنين ضمن فواتير الماء، وتركوا المواطنين وجها لوجه أمام السيول الجارفة، وارتفاع منسوب قنوات الصرف الصحي والبالوعات التي انفجرت بفعل قوة المياه داخل المجاري، وفي الأزقة والشوارع وداخل بيوت الغلابى، وإتلاف الأفرشة والأثاث، حتى أن بعض المواطنين قضوا ليالي بيضاء في محاولة إخراج المياه الممزوجة بالواد الحار والأوحال، ومنهم من قضى الليل كله يبحث عن طريقة لوقف تدفق المياه للدور السكنية دون جدوى، ومنهم من أجبر على إخراج المياه بالأواني المنزلية، تفاديا لنفاذ الماء لأساسات البيوت، كما اضطر سكان المدينة العتيقة والدور الآيلة للسقوط إلى قضاء عدة ليالي بدون نوم، خوفا من انهيار السقف عليهم، كما فضّل بعضهم إخلاء منازلهم والمَبيت عند الجيران أو أقاربهم، ومنهم من قضى الليل كله يراقب الوضع حتى حلول الصباح مخافة حصول الأسوأ.

أما الشوارع فتحولت إلى بحيرات وبرك ومسابح مفتوحة، لم يكن ينقصها سوى معلمو السباحة، نتيجة انسداد غالبية قنوات الصرف الصحي المخنوقة، حيث اضطر السائقون إلى تغيير مساراتهم، و توقف حركة السير ببعض المحاور الطرقية لساعات، وظهور انشقاقات وأخاديد وحفر عميقة وسط الطرق، حيث جرفت الأمطار إسفلت بعض الشوارع، وباتت ” جوتابل” مع كل موسم مطير و بمثابة الفخاخ المنصوبة أمام السائقين، إذ يحتاج المرء أن يكون ماهرا في مراوغة الحفر، وبذلك يهدد سلامة الآخرين، كما شوهدت سيارات وحافلات تتمايل في بحيرات الماء وكأنها أرجوحة.

وإذا كان الإيطاليون يفخرون بـ”فينيسيا” مدينتهم العائمة، فحقنا أن نفخر بمدننا العائمة، ذلك أن الأمطار الأخيرة عرّت عن واقع البنية التحتية الهشة، وشبكة الصرف الصحي المخنوقة، في سيناريو يتكرر في كل سنة مطيرة، نتيجة التهاون والتقصير في تدبير العديد من المرافق الحيوية، لأن المسؤولين لم يستفيدوا من دروس السنوات الماضية.

فهل ستتخذ الجهات المسؤولة الاحتياطات اللازمة، أم أن دار لقمان باقية على حالها، وأن مُدننا ستسبح مُجددا في بحر التساقطات القادمة، ويترك المواطنون بين مطرقة مياه الأمطار وسندان تدبر الكارثة بأنفسهم عند انفجار قنوات الصرف الصحي؟

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M