“أبو عمار” يكسر “الطابو” وينتصر على خصومه

07 مارس 2024 12:35

هوية بريس – عابد عبد المنعم

بناء على شكاية تقدمت بها “صحافية” بإحدى الإذاعات الخاصة و”فنان”، استدعت المصالح الأمنية الداعية الأمازيغي السوسي “أبو عمار” وأغلقت في وجهه الحدود، ما أثار ضجة كبيرة على شبكات التواصل الاجتماعي.

فماذا ورد يا ترى في الشكاية حتى يستحق الداعية المغربي كل هذا؟

الشكاية، وفق ما نقلته منابر إعلامية، ورد فيها أن الشخصين المذكورين يتهمان أبا عمار بالسبّ والقذف والتشهير بهما عبر مقاطع فيديو منتشرة بمواقع التواصل الاجتماعي ومنصات التراسل الفوري.

طيب، وما هو نوع هذا السب والقذف والتشهير، هل هو قذف للأعراض؟ أم تحريض على سلامتهم الجسدية؟ أم رميهم بتهم خطيرة عارية عن الدليل؟

هل شهَّر بهم أبو عمار -مثلا- كونهم اختلسوا المال العام، أم لديهم شبكة لتبييض الأموال؟ أم لأنهم أعضاء في خلية للمس بسلامة البلاد والعباد لا قدر الله؟

لا..لا.. ليس شيئا من هذا القبيل على الإطلاق، كل ما في الأمر أن أبا عمار الأمازيغي انتقد مضامين مقاطع غنائية لـ”فنان” أمازيغي أيضا، وعلق على تحريض ضده من صحافية، كانت تؤز عليه أحد الفنانين أزَّا، فطلب منها أن تكف عن هذا الأسلوب، وتلتزم الحياد، وتعتني بهيأتها، ولم لا ترتدي حجابها أيضا، فهذا خير لها.

هل في هذا الكلام ما يُشكِل، خاصة وأنه صدر من داعية؟!

قد يبدو للبعض أنه لا إشكال في هذا البتة، لكن إذا نظرنا للأمر من زاوية أخرى، فإن أبا عمار قد أزعج بعضهم كثيرا، حين كسر “الطابو” ومسَّ بمقدس “حرية اللباس” المطلقة و”حرية الفن” المنفلت من أي حكم شرعي، لدى القوم، كما أنه غاظهم كثيرا، وكثيرا جدا، ففاض الكأس وبلغ السيل الزبى ولم يعودوا يتحملون، وللقارئ أن يتساءل عن السرعة القصوى التي تم بها تحريك الدعوى..

في نهاية المطاف يبقى الداعية “أبو عمار” لا يمثل جهة ولا مؤسسة، إنما هو شخص واحد فقط، يمثل نفسه وكفى، وإن كان يشترك مع المغاربة في بغض “التسيب الأخلاقي” ورفض الفن الهابط.

أبو عمار تمكن خلال هذه المحطة على الأقل من فضح سردية حرية التعبير، التي بلغت لدى من يرفع ضده الشكايات، درجة التقديس..

بالمقابل نجدهم في تعاملهم مع “أبو عمار” الذي حرضوا ضده، وألبوا عليه المنابر الإعلامية، لم يستنكفوا أن يصفوه بالمتطرف والمتخلف والرجعي والداعشي.. ولقبته منابر الشرعي بـ”أبي لهب وأبي جهل”.. نعم “أبي لهب وأبي جهل” (الأحداث المغربية).. ورغم ذلك لم يقاض أحدا ولم يتقدم بشكاية ضد أي طرف، بل على العكس شدد في حوار له مع “هوية بريس” في 17 دجنبر 2020 حول مادة إعلامية تحريضية من جريدة “الصباح” بقوله “أكنّ الاحترام للجميع، بمن فيهم اليومية التي ذكرت”، وأضاف في ذات الحوار “هذه المنابر يجب عليها ألا تناقض أصولها وتقبل بالرأي الآخر مهما كان مؤلما ومزعجا لها”.

يؤسفني أن أقول أنه قد خاب رجاء أبي عمار، فصدور مخالفيه تضيق بالرأي الآخر، ولا تقبل النقاش ولا الخلاف ولا الاختلاف..

وبعد كل هذا يُتهمُ الدعاة في المغرب بأنهم منغلقون ومتشددون ويعادون الحرية..!!

المفارقة الغريبة أن من يقاضي أبا عمار اليوم في المحاكم، يشتغل كل منهما بقطاعَي الصحافة والفن، والذي يخوض المنتمون لهما في كثير من الأمور الحساسة، تصل إلى درجة المس بالمقدس، والتحريض بالصوت والصورة على أشخاص ومؤسسات وجماعات وفاعلين، وكل ذلك يبرَّرُ ويمرَّرُ بذريعة حرية التعبير وعدم وضع قيود أو حدود أمام الصحافة وحرية الإبداع..

فأين غاب هذا الخطاب ونحن نتحدث عن دقائق معدودة من مقطع فيديو لداعية أمازيغي أصيل..؟!

هل الحرية في هذا البلد الأمين يتمتع بها طرف دون آخر أم ماذا؟!

لقد ظهر جليا أن أبا عمار قد انتصر على من يناصبونه العداء، ويصنفونه ضمن خانة الأعداء، منذ أول وهلة قرروا فيها التقدم بشكاية لدى المصالح الأمنية.. وكشفوا للرأي العام الوطني والإقليمي والدولي أنهم لا يؤمنون أبدا بحرية التعبير التي يصدعون بها الرؤوس، ويرفعون شعارها في وجه كل من اعترض على أحد المواد أو المضامين التي ينشرونها..

في الختام لا نملك إلا أن نقول: شكرا أبا عمار.. فندت سرديات الكذابين..

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M