البرنامج المرحلي وفوضى الجامعات

08 ديسمبر 2021 09:32

هوية بريس – محمد أحميد

منذ سنوات التسعينات من القرن الماضي والصراع والمشاجرة والمقاتلة بالسيوف والأيدي في صرح الجامعات وعلى أبوابها، بل داخل أقسامها ومدرجاتها استفحل أمره وعظم فساده، والقصد فرض آراء وأفكار أهلكت الأمم والشعوب، ولم يستفد الشرق ولا الغرب منها إلا الدمار والخراب منذ أن ولدت في فلسفة ماركس، إلى ثورية لينين واستبداد وطغيان ستالين، وشيوعية ماوتسي تونغ.

أفكار عششت في أنظمة لم يبق من أثرها إلا الاسم، وفي عقول أفراد زادوا في طنبور غلوها وتطرفها وفسادها نغمة، بداية من “أوطم” وما تفرع عنها من التنظيمات إلى ما يسمى البرنامج المرحلي الذي اتخذ الفوضى والتحريف شعارا له، فهي شيء مقدس لا ينبغي المساس به، والتنظيم هو الظلامية والرجعية فمواجهة ما يمكن مواجهته هي الغاية، والمقصد الأسمى، لكن لماذا المواجهة؟ وما الغاية منها؟

سؤالان لا يردان على أفهام هؤلاء، ضعفت الثقافة النظرية، وغلبت النصية لأفكار ماركس ولينين وأنجلز وغيرهم، مع العجز عن فهمها، مع تقديس أشخاصهم والافتخار بأمجادهم فاتباع أفكارهم دينهم الذي ينكرونه على غيرهم في مقولتهم المشهورة “الدين أفيون الشعوب” نقلا عن ماركس، الذي خدر عقولهم بأفيون أفكاره، وبنَّج أفهامهم بها، فلا حركة بها.

ويحملون شعارات هلامية لا خطام لها ولا زمام، الناظر في أحوالهم يقضي العجب كيف تخرج الجامعات مثل هؤلاء ألغوا العقل وزعموا العقلانية، ونبذوا التفلسف وزعموا الفلسفة، شعارهم المجانية والاستشهاد شعار ما إن يسمعه السامع يتحسر حزنا على شباب في مقتبل العمر، وفي أوج العطاء الفكري والعلمي رهنوا عقولهم لأفكار ماتت يوم ولدت، تركها أصحابها لما رأوا سفينة المصالح تحمل إلى بر الرأسمالية والارتماء في أحضانها؛ فلا يذكرونها إلا بقدر ما تخدم المصلحة، وتبوء المكانة.

فقد علم هؤلاء أن سفينة هذه الأفكار قد غرقت في بحر الاستبداد والطغيان وما استطعت أن تحقق العدالة الاجتماعية التي كانت شعارها وأن تخرج طبقة العاملة من ظلم أرباب العمل الذي كان غايتها وانتهى أمرها مع ستالين الذي نحر رفقاء دربه، ولم يترك منهم أحدا؛ فمثل أبشع دكتاتور عرفه التاريخ فقد جعل من أفكار ماركس وتأويلات سيده ومولاه لينين آلة للذبح والقتل.

أفلا تقتدي جماعتنا بعقلاء أمريكا الاثنية الذين أخذوا من هذه الأفكار الثورية والتحرر، وتركوا حطب ماديته ومعارضته للدين للنار؛ فسموه لهوة التحرر أفلا تنظر جماعتنا وتفكر وتعمل عقلها، فإن الأفكار والنظريات الفلسفية ليست من المطلق الذي لا يدخله تأويل ولا تحريف، وأنتم لا تؤمنون بالمطلق على زعمكم، فكيف صارت أفكار ماركس وتأويلات لينين واستبداد وطغيان ستالين مطلقا منزه عن التأويل والخطأ، بعد أن أجمع أهل البسيطة أن الاشتراكية والشيوعية ما جلبت إلا الدمار والخراب، وأنها أفكار ماتت قبل سبع ولادتها، أفلا تعيدون النظر قليلا لعل نار الحقيقة تظهر لكم، وتستبين لكم حقيقة الوجود، فإن المطلقات لا تصدر إلا من المطلق، وأن النسبي لا يصدر منه إلا ا لنسبي مهما عظم شأنه، وعلا أمره، ومازال الفلاسفة ينقض بعضهم بعضا، والمدارس الفلسفية يرد بعضها على بعض، ما يدل على أن الإنسان مهما بلغ من الذكاء ومن التنظير يبقى محدود الإدراك، كليل الفهم عاجزا أن يفكر خارج وجوده الحسي الظاهر، وأن الميتافيزيقا بعيد قرط إدراكها، و لو اتبع الحق أهوائهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

آخر اﻷخبار
1 comments

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M