المجاهد الساجد

31 ديسمبر 2023 15:17

هوية بريس – متابعة

إنه البطل المجاهد الساجد تيسير أبو طعيمة، حافظ لكتاب الله تعالى، وكان إمام مسجد فلسطين في بني سهيلا في غزة، وهو أحد أفراد كتيبة الحفاظ في كتائب القسام -رحمه الله وأسكنه الفردوس-.

يوسف الدموكي كتب:

فيمَ كان يفكر في تلك اللحظات؟ أدركته طائرة الاستطلاع فكشفته، وهو مقبلٌ متقدم، يكمُن لعدوه، متربصًا لقتال، يستذكر الله في نفسه، ويتذكر الثأر في صدره، ويحمل الدرع في يده، أيُقبل أم يدبر؟ أيكرّ أم يفر؟ لا باب إلا إلى السماء، ولا مخبأً يدركه في الأرض، أو عساه يعلم فتحة نفق في مكان ما، لكن إن ولجها فنجا مؤقتًا وهلك أصحابه.

‏يكمل الوثب بخطواته الواسعة، يهرول كالسعاة بين الصفا والمروة، وإن كان لم يرَ الكعبة ولا البيت الحرام ولا قبر النبي إلا في منامه، يحتضن شهادته بين جنبيه، ويسير إلى موته مدركًا أن الموت أدركه، فيعرض أمامه شريط عمره كله فلا يجده إلا عبارة عن نفق طويل عميق مظلم، لا نور فيه إلا السرُج البسيطة والجباه المتوضئة، فيطمئن للقاء الله.

وحينها، كأن الموتَ يستأذنه، ويمهله ثوانيَ قبل الارتقاء الأخير، تصيبه الآلة الجبانة الغادرة في مقتل، فتخترقه الشظية، وقد عرف أنها اللحظة اللحظة، فانكبَّ معانقًا الأرض مودعًا فيها سره الأخير، ملحقًا دمه بعرقه، وفراقه بدمعه، وبشراه بموته، متحاملًا على جرحه، وهو الشهيد على أي جنبٍ كان في الله مصرعه، لكنه يصرّ، أن يبعث ساجدًا، باثًّا آخر أنفاسه بالدنيا في ترابٍ طاهر زكيّ، ذاهبًا إلى الفردوس الأعلى بسجدةٍ صادقة، كأنه يدفن نفسه بنفسه، في كبِد غزة، وهو الذي عاش عمره كله في كَبَدها.

أما محمد علي يوسف فكتب متسائلا:
“أي قلب هذا الذي يأبى إلا الاستزادة من الطاعة رغم كونه قد رُزق ذروة سنامها؟!
أي نفسية تلك التي تودع بسجدة أخيرة دنيا بُذلت عن طيب خاطر؟!
أي ارتباط ذاك الذي لا ينفصم بين عبد يجود بنفسه وبين أقرب موضع يصله بربه؟!
وأي روح تواقة تلك التي لا تشبع من الطاعة حتى اللحظة الأخيرة؟!
وأي حياة تلك التي تورث مثل هذه الخاتمة؟!”.
آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M