حتى لا تبقى “الأمة” جاثية على الركب أمام “أهواء” الغرب

07 أكتوبر 2023 14:55
قبل بدء المناسك.. 5 إجراءات سعودية لضمان "حج صحي"

هوية بريس – ميمون نكاز

[بعض السِّرِّ الحُكْمِيِّ الخَفِيِّ في منطق الشريعة]..

“الجعل على الشريعة” في قوله تعالى {ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها…}[الجاثية18]، بما يفيده حرف “على” من استعلائية على الباطل وعلى “أهل الأهواء” من الذين اختل عندهم “ميزان العلم” أو عُدِم {ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون…}[الجاثية18]، مما يمنح “الخاضعين لحاكمية الشريعة” “عُلُوًّا” في القدر والرتبة والمكانة، ويبوؤهم مقاما محمودا “عَلِيًّا” في “الاجتماع الإنساني”، كذلك التحذير القرآني لبني آدم من “الافتتان” بدعوات “نزع ألبسة الحس والمعنى” التي تسعى إلى تعرية الإنسان “حسا” و”معنى” بجعل “السوءات الظاهرة والباطنة” بادية مرئية في الفضاء العام، كذلك”الاستدراك القرآني” على الذين يريدون “إضفاء الشرعية العرفية أو القانونية” على “الفاحشة الشائعة”، حيث يحتجون ب”الشيوع العرفي” {وجدنا عليها آباءنا} ويزعمون بالعبث التحريفي أن الله أذن لهم فيها، بل أمرهم بذلك، كما كان حال “الوثنيين” في قولهم {والله أمرنا بها}، قلت: كذاك “الاستدراك القرآني” على هؤلاء “المتفحشين” بقوله: {قل أمر ربي بالقسط، وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين}[الأعراف٢٩] ليلفت الأنظار إلى الصلة والعلاقة العضوية الوظيفية بين “الظلم” و”إشاعة الفاحشة”، كل ذاك يفصح عن “الوثاق الثنائي المشدود” بين “إقامة القسط” وشيوع الأخلاق”من جهة. وبين “الظلم” و”إشاعة الفساد” في الجهة الأخرى المقابلة…

لقد جاءت آية {قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد}[الأعراف29] -كما ذكرنا- في سياق الرد على “دعوى الجاهلية الأولى” في تعليلها لفعل الفاحشة وإشاعتها، للتنبيه إلى “الاقتران الوظيفي” بين “الظلم الاستبدادي” و”الإفساد الأخلاقي”، وفي حديث “الصنفين” ما يثبت هذا التقرير، أقصد حديث: (صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر، يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات، مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا) رواه مسلم.

نستظهر من ذلك أن”إقامة القسط” بين الناس {قل أمر ربي بالقسط}[الأعراف29]، و”تثبيت الإنسان بالوازع الديني” {وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد}[الأعراف٢٩] هما الأصلان المرجعيان لحصانة المجتمع من “مساعي الإخلال” بمقتضيات الشريعة فيهما،

ذلك لأن الناس بين احتمالين في أسانيد “مرجعية الاحتكام”، إما “الاحتكام إلى مرجعية الشريعة” قيما وقانونا وأخلاقا، أو “الاحتكام إلى مرجعيات الأهواء” في سيولة قانونية وسلوكية تجري بهم خلف ما تشتهيه النفوس تلذذا وتمضيه “العقول” تأولا، يصدق ذلك على “متواليات الجاهلية”؛ الأولى منها والآخرة، وكل زعم خلاف ذلك فهو مكابرة في الحق ومعاندة لبرهان الوجود…

أما في قوله تعالى: {إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا}[الجاثية18] ففيه تحذير لكل من يلي “أمر المسلمين” بعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقع “فريسة” لبطانة الملإ الظالم الذي يحيط به، أو أن يكون شريكا لهم في العدوان على شريعة الله، فإنهم لن يغنوا عنه من الله شيئا إن فتنوه عن شريعة الله، فبعضهم أولياء بعض، والله ولي المتقين…

للفرد “كتاب” يؤتاه ليقرأه يوم القيامة مُلْزَمًا بطائره في عنقه، ولكل “أمة” “كتاب” تدعى إليه لتسأل -جاثية- عما كسبت فيه: {وترى كل أمة جاثية، كل أمة تدعى إلى كتابها، اليوم تجزون ما كنتم تعملون، هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق، إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون}[الجاثية 28-29]…

فإلى كل الذين يريد “الغرب” أن “يجثيهم على الركب” أمام “أهواء” حدارته نقول: إنا برآء مما تصنعون، واذكروا -إن كنتم تعقلون- يوما ترجعون فيه إلى الله، ثم توفى كل نفس ما كسبت وأنتم لا تظلمون، واعلموا أننا لا نجثي الركب ولن نجثيها لأحد إلا لله الواحد القهار…

{وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر، ولو شاء لهداكم أجمعين}[النحل9]…

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M