د. الودغيري: الذين غابوا أو امتنعوا عن التصويت ضد القانون الإطار 17-51 خذلوا الشعب المغربي

16 يوليو 2019 22:15
د. الودغيري يكتب عن قانون "فرنسة التعليم": كيف يجري النهر بعد تجفيف منابعه؟

هوية بريس – إبراهيم الوزاني

تحت عنوان “لا أكاد أصدق”، كتب عالم اللسانيات الدكتور عبد العلي الودغيري ينتقد خذلان حزبي العدالة والتنمية والاستقلال لتطلعات الشعب المغربي والدفاع عن أحد أهم مقومات هويته، وذلك بعدما امتنع أعضاء الحزبين في لجنة التعليم والثقافة والاتصال عن التصويت لمنع المصادقة على القانون الإطار 17-51 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والذي تفرض بعض مواده فرنسة التعليم المغربي.

وجاء في تدوينته المطولة التي نشرها في حسابه على فيسبوك:

“هل أنا بحاجة لكي أَنْعي لكم الأحزاب الوطنية في المغرب بعد انتكاسة تمرير قانون فَرنَسة التعليم بالأصوات البرلمانية التي حضر أصحابُها وامتنَعوا عن التصويت خِذلانًا لهذا الشعب، أو الذين تغيَّبوا عمدًا وتهرّبوا من الإدلاء بشهادة الحق؟ هل أنا بحاجة لأقول لكم: لم يعد في مغرب القرن الواحد والعشرين حزب سياسي وطني واحد قادر على قول كلمة (لا) والحال أنكم أعرفُ مني بحقيقة الوضع؟
هل أحكي لكم عن صدمتي في نواب العدالة والتنمية الذين أخرسَت ألسنتَهم الأوامرُ، وهو الحزب الذي استطاع اكتساح صناديق انتخابات 2011 بشعار الهوية والعربية والإسلام؟ أم عن نواب الاتحاد الاشتراكي الذين تنكّروا لأفكار الجابري وهو الذي كان المنظرَ الأول لهذا الحزب بعد المهدي بن بركة ولا سيما في مجال التربية والتعليم وكل القضايا الاجتماعية والفكرية والمذهبية؟
أم عن صدمتي الكبرى في نواب الاستقلال الذين تنكَّروا لمبادئ هذا الحزب القائمة في أهم أُسسها على الهوية العربية الإسلامية، وكأنهم لم يسمعوا شيئا عن علال الفاسي ولم يقرأوا ورقة واحدة من كتابه (معركة المصير) الذي خصَّصه لمعركة وجود اللغة العربية بالمغرب، ولم يتشبّعوا بشيء من أفكاره ومبادئه؟

اقرأ أيضا: استنكار واسع لامتناع حزب العدالة والتنمية وعدم تصويته لمنع مرور القانون الإطار 17-51 الذي يخدم فرنسة التعليم

هل أكون مبالغًا إذا قلت إن هذه الأحزاب قد فقدت بوصلتَها وولَّت ظهرَها للشعب ولم تعد لها خارطة طريق غير الطريق الذي ترسُمه الهواتف النَّقالة التي تحمل الأوامر والنواهي؟ أم أقول لكم إنها أصبحت مسؤولة مسؤولية تاريخية كاملة عما سوف يؤول إليه مستقبل المغرب وهو يسير نحو المصير المجهول بعد أن صدَمت مناضليها الحقيقيّين ووجهت لهم لطَمات موجِعة، وبعثت إلى الأجيال الصاعدة رسالة يأس وإحباط من كل عمل سياسي لا ينتج سوى الآمال المَوؤدة والنَّكَسات المتوالية.

كل مواقف الفرق النيابية في البرلمان يمكن لي شخصيًا أن أستسيغها وأتجرع مرارتَها، إلا موقف الفريق الاستقلالي الذي يبدو أنه حضر اجتماع التصويت وهو في حالة تنويم مغناطيسي أو فُقدان تام للذاكرة، فهو موقف من الصعب عليّ وعلى أي مناضل قديم في حزب الاستقلال، أو أي متتبِّع لتاريخ الحركة الوطنية في المغرب، فهمه ولا حتى تصورُّه، فأحرى أن يكون شاهدا على اليوم البئيس الذي حدث فيه. إنه موقف يؤرَّخ له حقا بمداد الحزن والأسى والألَم، لأنه يمثل انتكاسة خطيرة وانعطافة لا سابق لها في حياة الحزب الذي جاء هذا الفريق نائبًا عنه ومتكلِّمًا باسمه.

اقرأ أيضا: بوعلي عن تمرير القانون الإطار 17-51: ما قمتم به خيانة لتاريخ الوطن ونضالات أبنائه من أجل الاستقلال السياسي والتربوي

فهل أراد بهذا التصويت الحيادي أو الحياد السلبي أو الحياد التواطئي، أن يعتذر للشعب المغربي عن مواقف حزبه التاريخية وإعلانه التخلّي عن أهم مبادئه المعروفة إلى غاية صباح يوم هذا الثلاثاء المشؤوم، وأهمها الدفاع عن الهوية واللغة العربية؟ أم أراد أن يقول إن عملية تعريب التعليم التي قادها الحزب وأشرف عليها ونفَّذها في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي وهو على كرسي الحكم بكل حماس ودفاع واستبسال وتجنيد للأفكار والأقلام والأدمغة، كانت مجرد زلة من زَلات زمان، وخطإ جسيم جاء أوانُ الاعتذار والتكفير عنه والتبرؤ منه أمام الملإ العظيم، وطلبِ صكّ الغفران للدخول إلى جنةَ الرضى والرضوان، والرجوع لدار الطاعة بعد التمرّد والعصيان، ومحو هذه الخطيئة وشطْبها من تاريخه (الأسود)، وإعلان فتح صفحة جديدة بوجوه جديدة وتوجُّه جديد و(مناضلين) جدد؟
لا أكاد أصدق ما حدث، ولا يمكنني أن أفهم ما حدث إلا أنه انحراف عن التوجه الأساسي للحزب الذي لم يكن لأحد من مناضليه الصادقين المخلصين ليسمح بحدوثه لولا حالة الضعف والهشاشة والغفلة التي يمر بها”.

يذكر أن 16 عضوا من فريقي العدالة والتنمية وحزب الاستقلال، امتنعوا عن التصويت على مشروع القانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين، وهو ما أدى إلى تمرير المادة بعد أن صوت عليه 12 عضوا، مقابل عضوين (المقرئ أبو زيد ومحمد العثماني من حزب البيجيدي) صوتا ضده، من مجموع أعضاء لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب.

آخر اﻷخبار
1 comments

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M