علمنة شهر الصيام

15 يونيو 2016 01:55
الليبرالية إحياء للجاهلية وإيغال في الرجعية

ذ. أحمد اللويزة

هوية بريس – الأربعاء 15 يونيو 2016

ما أن يوشك رمضان على الحلول ضيفا عزيزا على البعض وضيفا ثقيلا على آخرين وما أكثرهم حتى تبدأ الاستعدادات على قدم وساق، طبعا الاستعداد لإكرام الضيف يكون بحسب قدره ومنزلته في قلوب من نزل بهم ضيفا.

الغريب في الأمر أن هذا الشهر الذي جعله الله شهر الروحانيات بامتياز، صار شهر بطنيات بامتياز.

تنافس محموم من شركات التصنيع الغذائية، استنفار من طرف أصحاب المحلات التجارية، هستيرية تموينية، يقظة من الدولة لتوفير حاجيات الناس البطنية، إنتاج واستيراد، وتقليص من الضرائب وإعفاءات جمركية من أجل ذلك، كل ذلك للسهر على راحة المواطنين في شهر الصيام. وتلبية رغبات البطن المتعددة. والناس لا حديث بينهم إلا عن الادخار والتزود لسنوات عجاف! هكذا يبدو الواقع.

 العادات والتقاليد هي المسيطرة، نشرات وربورطاجات ولقاءات الشوارع كلها عن عادات المناطق وتقاليدها في رمضان.

فسبحان الله.! رمضان الركن الرابع في الإسلام، والعبادة المثالية، والشهر المعظم صارت تحكمه العادات والتقاليد؛ والتي يحترمها الناس ويقدسونها ويلتزمون بها أشد من التزامهم بأحكام الصيام وآدابه ومقاصده، بل كل المقاصد صارت في خبر كان، الحلم والصبر والجود والقيام والقرآن والاقتصاد في الاستهلاك، واستثمار الوقت فيما ينفع…كل ذلك انقلب رأسا على عقب.

والإعلام الذي يذكي نار العلمنة في شرائع الله يعد لذلك ترسانة من المواد الإعلامية، التي تكرس العلمنة وتفرغ العبادة من محتواها الروحي الإيماني، وهذه خطة ماكرة حربائية تتأقلم مع الوضع كيفما كان، فلو استطاع بنو علمان أن يصدوا الناس عن صوم رمضان لفعلوا، لكن ولأن ذلك بعيد المنال لا بأس من جعل الناس صياما في حكم المفطرين من خلال إفساد صومهم، وشغلهم عن التعبد والتقرب لله عز وجل. شعارهم في ذلك”هدفنا إفساد صومكم”.

فلنا أن نسأل وبحيرة كبيرة، ما علاقة شهر الصيام بالحفلات والسهرات في كل مكان وكل فضاء وكل ناد؟، لماذا الأفلام والمسلسلات والمسرحيات والسكيتشات الجديدة لا تعرض إلا في شهر رمضان، وفي رمضان بالضبط؟ أليس ذلك تدبيرا مقصودا من بني علمان لجعل شهر الصيام شهرا علمانيا، تسوده تشريعات الدين العلماني، الذي يجعل الدنيا أكبر همه ومبلغ علمه، حتى بلغت به الجرأة أن جعل مواسم الطاعات والقربات، مواسم مادية دنيوية ، تزيد فيها الأرباح عوض الإيمان، ويزيد فيه الوزن عوض التقوى، ويكثر الإجرام عوض الأمن. والانحراف عوض الاستقامة…

لذلك وجب التواصي بالحق وتنبيه الإخوان، وتحذير عموم المسلمين من أن يتحول صيامهم من عبادة بضوابط وآداب، رتب الله عليها عظيم الأجر وجزيل التواب، إلى إضراب عن الطعام طيلة النهار، ورعونة وانحراف بالليل. حتى إذا انقضى الشهر راح بنو علمان يعدون مكاسبهم الدنيوية، وراح المغبونون يعدون خيباتهم ونكساتهم وحسراتهم على ضياع فرصة العمر في التعرض لنفحات الله الروحانية، وسحائب مغفرته الرمضانية.

آخر اﻷخبار
1 comments

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M