غزة تباد .. ماذا يحكي عنا الأحفاد؟

14 أبريل 2024 21:26

هوية بريس – بوسلهام عميمر

بين الفينة والأخرى نقرأ أو نسمع أو نتابع برامج وأفلاما ومسلسلات عن تاريخ الأندلس أو الفردوس المفقود وضياعها من بين يدي المسلمين وقد عمروها ثمانية قرون بالتمام والكمال.

وإن كان بعيدا عن أية شوفينية، يبقى السؤال القلق المقلق ما إن كان فتحا أم غزوا كما يطرحه بعض المفكرين من مختلف المرجعيات؟ اليوم البلاد التي فتحت سلما عبر الدعوة بالتي هي أحسن وبالمعاملات التجارية الصادقة أو السياحة وغيرها، هي التي استمر فيها الإسلام على علات تنزيل بعض مقتضياته، على عكس البلاد التي دخلها المسلمون عنوة بالسلاح أين هي اليوم؟ الإسلام دين العقل والإقناع والحجة بالحجة، إلا في حال واحدة “فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم“. ألم يقم الإسلام على “لا إكراه في الدين“؟ على الأقل لما دخلوها عنوة كان عليهم معاملة الناس بالعدل فيستميلون قلوبهم وليس سبي نسائهم ودراريهم. فمن لا يذكر فاتح السند والهند لا تزال سيرته تتداول بين المسلمين هناك لما عرف به من سماحة وعدالة يقال عنه أنه كان راجح الميزان في التفكير وفي العدل والكرم.

فماذا نحكي عن الأندلس أكثر من الطريقة الوحشية التي طرد بها المسلمون لم يعرف تاريخ الحروب لها مثيلا. من منا اليوم لا يلوم من عرف ب”ملوك الطوائف” على الحروب التي خاضوها فيما بينهم ، يستعينون على بعضهم بأعدائهم من القشتاليين، فجنوا على أنفسهم وعلى رعاياهم من المسلمين. لم يكن همهم غير كراسي الحكم والبذخ. يلقبون أنفسهم بألقاب مشرقية يتفاخرون بها، لخص شاعر حالهم الكاريكاتورية بقوله:

مما يزهدني في أرض أندلس          ألقاب معتمد ومعتضد

ألقاب مملكة في غير موضعها         كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد

ماذا يقول عنا الأحفاد لما يعلمون أننا اليوم مليار ونصف مسلم، يتفرجون على غزة تدمر و تباد بعدما استعصى خضوعها لإملاءات الكيان الصهيوني ومعه دول الاستكبار العالمي؟ ألا يستغربون كيف تنتزع فلسطين من وسط غابة من الدول العربية زمن الانتداب البريطاني ووعد بلفور المشؤوم؟ ألا يبحثون في حالنا اليوم وما نحن عليه من تشرذم ومن نزاعات ومن حروب، فضلا عما نغرق فيه من تخلف على كل المستويات، حياتنا كلها متوقفة على منتجاتهم. فعن أي تحرير يمكننا أن نتحدث ونحن على هذه الحال، كل رأسمالنا الشعارات الفضفاضة لا تهش ولا تنش؟

فأنى لكل القوى الداعمة للكيان الصهيوني، أن تأبه لتنديداتنا وهم يعرفون ما بيننا من ضغائن وأحقاد، يسهل عليهم تغذيتها وتأجيجها؟ ولا يزال حبل الانقسام على غاربه بيننا، و للأسف بأيدينا لا بأيدي غيرنا. والمخزي ما تقدم عليه بعض دول الجوار ما يجمع بينها أكثر بكثير مما يفرقها، من لغة ودين وتاريخ وجغرافيا ومصالح مشتركة. فهل هناك أكثر فداحة وفظاعة مما يفعله كابرنات الجزائر . لم يكفهم قرابة نصف قرن في استماتتهم لعرقلة مجهودات المغرب لاستكمال وحدته الترابية، بتسخير كل إمكاناتهم المادية واللوجستيكية و الدبلوماسية والإعلامية، على حساب الشعب المغلوب على أمره، لا همّ لهم سوى غرس كيان وهمي، تتماهى مصالح متزعميه مع مصالحهم، لم يكفهم هذا ليسارعوا مؤخرا في محاولة يائسة لتطويق المغرب من الشمال، بالسماح لشرذمة لا يعرف لها فصل ولا أصل، بإنشاء مكتب لهم بالجزائر ينسبون لأنفسهم أن يتحدثوا عن جمهورية ريفية، لا ندري عن أي ريفيين يتحدثون؟ !

أجل ماذا يقولون عنا خاصة واليوم الأرشيف ليس كالسابق، إنه يوثق لحالنا بالصوت والصورة؟ ماذا يقولون لما يطلعون على الانقسام الفلسطيني نفسه بين فتح وحماس دون الدخول في حيثيات أسبابه ومسبباته؟ فالوضع كارثي لما يطلعون على حكومتين فلسطينيتين، واحدة بقطاع غزة المحاصرة بأعلى كثافة سكانية في العالم هي اليوم تتعرض لدمار شامل لا يبقي حجرا على حجر، والأخرى بالضفة الغربية على مجموعة كنتونات بأكثر من ستمائة حاجز لا يمكن تجاوزها إلا بإذن من الكيان الصهيوني؟ ألن يسخروا منا، كيف من بين مليار ونص مسلم ليس فيهم رجل رشيد يجمع شملهم على كلمة سواء؟ !

أنى لهم أن يستوعبوا حال فلسطين المغتصبة وبين أيدينا كل مقومات القوة من ثروات طبيعية هائلة و تعداد سكاني بمليار ونصف مسلم؟!

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M