قذارات الحروب 

07 مارس 2022 15:31

هوية بريس – ابراهيم أقنسوس

قذارات الحروب بلا عد، ومآسيها وبشاعاتها بلا حسرولا نهاية، والمؤكد دائما أن كل آلامها وأوجاعها، يتحملها الطيبون، عبر العالم، وعبر التاريخ، وإن بدرجات متفاوتة، النساء والأطفال والشيوخ، وعامة الناس، ممن لا رأي لهم، ولا أرب لهم، في كل هذا اللغط، وهذا الدمار الذي يتعقبهم، ويهددهم في وجودهم المادي والمعنوي معا، ولذلك كان العقلاء وأحرار العالم، من المثقفين والمفكرين، والعلماء، والبشر الأسوياء، دائما ضد الحروب مبدئيا، مهما كانت بواعثها الظاهرة، لأنهم يدركون قبل غيرهم، وأكثر من غيرهم، أن الأسباب الحقيقية والثاوية، وراء كل هذا الخراب، هي مخالفة تماما، لكل هذا الكلام الذي يقال، ولكل هذه الصورالتي تبث على الشاشات، والقنوات بكل ألوانها ورهاناتها، الظاهرة والخفية .

إشعال الحروب، يعني في الغالب الأعم، قتل العقل، وضمور صوت الحكمة، وإرادة العنف، ومصادرة كل رمز وثقافة، عدا ثقافة الموت والدمار، فأكثر الحروب، هي عبارة عن قرارات طائشة قذرة، يتخذها الأنانيون والمتعجرفون، وتجار الأسلحة، لإعادة تشكيل الخرائط، ومراجعة توزيع مناطق النفوذ، وتحصين مصالح الأوليغارشيات بكل أبعادها، وأشكالها الريعية، عبر العالم، بالمنطق اللبرالي المتوحش، حيث لا منطق، ولامجال يبقى، للحديث عن أية قيمة، أو ثقافة، أو خلق، بل لا معنى يتبقى لهذا الإنسان البئيس، الذي يتخذ وقودا لإشعال المدن، وتدمير المنشآت، وإتلاف الحضارات، فلا صوت يعلو فوق صوت المصالح الأنانية، بالمعنى التسلطي والقهري للكلمة .

ففي لحظات الحروب، تتجلى كل بشاعات العالم، ويتجرد الكثير من الساسة والمحاربين، من موقع القوة والغلبة، وجنون الهيمنة، من كل ما يربطهم بطينة البشر، ويتحولون إلى همج، يقتلون ويغتصبون، ويعذبون ويجوعون، ويمثلون بجثث الأطفال والنساء والشيوخ، باسم الأديان والحق تارة، وباسم القوميات والعصبيات والعرقيات تارة، وباسم تحرير الأراضي المغصوبة، تارة أخرى، ودائما هناك أسباب يتم الترويج لها، وإشهارها لاندلاع الحروب، أسباب ظاهرة نعلم بعضها، وأخرى خفية غير معلنة، لا يعلمها إلا أصحابها، اولئك الذين يتاجرون في النزاعات والدماء، ويصنعون الدمار عبر التاريخ، وطبعا، ليست حروب الأغنياء كحروب الفقراء، أو الحروب على الفقراء، على الأصح، وإذا أردنا المقارنة، يسهل أن نلاحظ بكل أسف ومرارة، أن ترتيبات الحروب وآثارها ومآسيها، في البلاد المتخلفة، تتجاوز كل منطق، ويتم فيها خرق كل المواضعات، إن كانت هناك مواضعات أصلا، حتى بالمعنى العنيف والهمجي للكلمة، ويكفي أن نتذكر ماشهدته العديد من تلد الدول ليظهر المعنى، حيث لا معنى ؛ يكفي أن نستحضر ما حدث، ويحدث في : العراق، وسوريا، وليبيا، ولبنان، واليمن، وأفغانستان، وفلسطين، وما تتعرض له العديد من مثل هذه البلدان، من تهديدات تكاد تكون يومية، وبوسائل وأساليب واستفزازات ومساومات قذرة، لا تتوقف، لنفهم أن ترتيبات توزيع العنف، عبر الخرائط، وتكاليف الحروب ومآسيها، ليست بنفس الدرجة، وإن كانت كلها في النهاية حروب ومآسي .

لكل هذا، كانت أحاديث الحروب ومآسيها المدمرة، من أكبر القضايا التي شغلت كبار المفكرين والفلاسفة، وأصحاب الضمائر الحية، عبر التاريخ، ودائما كان هناك سؤال،  يتقدم إلى الواجهة : بأي معنى واستحقاق، يحكم هؤلاء الساسة المجانين، على مصائر الناس والعالم ؟؟، وهو نفس السؤال الذي يتردد باستمرار، ولم تعثر له البشرية عن جواب يريحها .

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M