الأعاصير تذكر الناس بضعفهم وقدرة خالقهم

20 نوفمبر 2013 12:27
إعصار هايان

إعصار هايان

هوية بريس – مركز التأصيل

الأربعاء 20 نونبر 2013م

قتل عشرة آلاف على أقل التقديرات وتشريد أكثر من عشرة ملايين في كارثة إنسانية حلت بجزء من العالم في لحظات قليلة وصفها القنصل العام للفلبين في بريطانيا بأنها عاصفة لم يشهد العالم مثلها من قبل كانت نتيجة لتحرك جندي من جنود الله أمره الله بأن يضرب بقعة في العالم، فكيف بغضب الله سبحانه؟!!

إنه هذا الإعصار الاستوائي “هايان” الذي ضرب الجزر الشرقية والوسطى في الأرخبيل الفلبيني مؤخرا ليتسبب في واحدة أسوأ الكوارث البشرية على مستوى العالم لا على مستوى الفلبين وحدها، فجرفت مياهه في طريقها المنازل والمدارس والمباني لتدفن آلاف الناس تحت الأطنان من الأنقاض، وغرقت مدن كاملة وأصبحت أثرا بعد عين ومحيت من خارطة البلاد تماما لتكون شاهدا جديدا لمن له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد على قدرة الله على خلقه وعلى ضعفهم وقلة حيلتهم مهما امتلكوا من أدوات وإمكانيات مادية، فلا منجى ولا ملجأ من الله إلا إليه فهو القادر على أمره والمتحكم في ملكه لا شريك له فيه.

والإعصار “هايان” من الأعاصير الحلزونية وهي عبارة عن عواصف استوائية هوائية عاتية تتميز بغيمة مخروطية دوارة تجمع الحرارة والطاقة من خلال ملامستها لمياه المحيط الدافئة فتزيد من قوتها لتدور العاصفة حول عين الإعصار، وعندما تصل إلى اليابسة تسبب أمطارا غزيرة وفيضانات على شكل موجات سواحلية تجرف في طريقها الأشجار والمباني والسيارات.

وبعدما خلف “هايان” تلك المآسي الإنسانية في الفلبين توجه إلى فيتنام التي حاولت تخفيف آثاره فنقل قرابة الـ600 ألف مواطن من المناطق التي يُتَوقع أن يمر عليها الإعصار وألغت شركات الطيران أكثر من 200 رحلة جوية بمطار هانوي العاصمة وأغلقت المدارس أبوابها وأمرت السلطات القوارب بالعودة للموانئ وطُلب من عشرات الآلاف الآخرين من قاطني المناطق الساحلية ترك منازلهم واللجوء إلي داخل البلاد إلا أن “هايان” ضرب الأقاليم الفيتنامية الشمالية القريبة من الحدود الصينية ليلقى ‏11‏ شخصا مصرعهم وليصاب أكثر من ‏67‏ آخرين‏.

وقد يظن ظان أن سبب الكارثة الضخمة هو فقر الفلبين وفيتنام وأن الدول القوية يمكنها السيطرة على الأعاصير، ولكن هذه الجنود التي سخرها الله سبحانه لا تقف أمامها قوة أرضية، فتعرضت الدولة الأولى في العالم لمثل هذه الأعاصير ولا تزال تتعرض لتخلف أيضا مآس بشرية ودمارا شاملا لا تقوى عليه قوتهم وما يملكون منها.

فنقلت وكالة “رويترز” عن مسئولي أرصاد بالولايات المتحدة قولهم بأن عاصفة عاتية نتج عنها عدة أعاصير في ايلينوي وانديانا هددت حوالي 53 مليون شخص في حوالي عشر ولايات في الغرب الأوسط الأمريكي واصفة إياه بأنه إعصار كبير وخطير بدرجة بالغة حول عدة مبان إلى أنقاض في ثوان معدودات في جنوب غربي شيكاجو، ولذلك حذرت هيئة الأرصاد السكان في المناطق المهددة بالعاصفة قائلة “أنتم في وضع يهدد الحياة.. عليكم بالاحتماء الآن”.

ولا يعتقد أحد أننا نحن المسلمين في منأى عن التذكير بقدرة الله سبحانه، فلابد وأن يعي الجميع أن الله عز وجل قادر على كل شيء ولا يعجزه أحد وليس بينه وبين خالقه واسطة ولا قرابة وليس بينه وبينهم وسيلة تقربهم إليه إلا طاعتهم له وإخباتهم بين يديه وتذللهم له، فهو قادر سبحانه على أن يرى الناس قدرته على منع الماء وقطع القطر من السماء حتى يخرجوا لصلوات الاستسقاء وهو القادر سبحانه على أن يأتي بسيول تغرق البلاد والعباد، فلا مفر من الله إلا إليه، ولا يشترط ذلك أن يكون عقوبة بل يمكن أن يكون تذكيرا لمن غفل وتنبيها لمن نسي وتثبيتا لمن تذكر وتيقظ.

وغير بعيد ما حدث في المملكة حينما كانت من سنوات قليلة لا تبلغ أصابع اليد الواحدة تصلي صلاة الاستسقاء تضرعا لله لنزول قليل من المطر صارت الآن تعاني كثيرا من جراء السيول التي تجرف الناس والممتلكات بعدما هطلت الأمطار بشدة على العاصمة الرياض مساء السبت ليبلغ إجمالي المفقودين ثلاثة أشخاص.

وتم إيواء 11 شخصا تضررت منازلهم وتم إخراج 148 مركبة ثم عثرت فرق الدفاع المدني على جثة الفتاة اليمنية التي جرفها سيل وادي نمار ولازالت مستمرة في البحث عن المسن والشاب المفقودين بالقرب من كوبري الحائر، وأعلنت أنها تلقت 5015 بلاغاً منها 4968 في الرياض و47 في المحافظات وبلغ إجمالي المحتجزين بسبب الأمطار 98 شخصاً، منهم 35 في الرياض وحدها. 

ولم يكن الجندي الذي سخره الله سبحانه في كل هذه الحوادث سوى بعض الريح والماء وهما من أضعف وألطف مخلوقات الله وخاصة إذا قورنا بمخلوقات شديدة الحديد والحجارة والنار والخسف الأرضي، حتى يعلم الناس ويوقنوا بمدى ضعف قوتهم ومدى قوى جنود خالقهم إذا تجرؤوا عليه ولم يمتثلوا أمره ونهيه، وصدق الله العظيم إذ يقول “سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ“.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M