الإسلام بريء من الإرهاب وترويع الآمنين.. في ضوء مسيرة ضد الإرهاب برموز إرهابية

15 يناير 2015 21:56
الإسلام بريء من الإرهاب وترويع الآمنين.. في ضوء مسيرة ضد الإرهاب برموز إرهابية

الإسلام بريء من الإرهاب وترويع الآمنين.. في ضوء مسيرة ضد الإرهاب برموز إرهابية

وبهدف تجسير العلاقة بين الفعل الإرهابي والإسلام

محمد احساين

هوية بريس – الخميس 15 يناير 2015

في سياق الحدث:

عاش العالم مع بداية السنة الجديدة (يناير 2015) الحدث «الإرهابي» الذي أوقعه شخصان من جنسية فرنسية وأصل جزائري على مقر صحيفة «شارلي ايبدو»، ما جعل كثيرا من المهتمين يحاولون مناقشة الحدث في سياقه ومبرراته وأهدافه…

وشكل الحدث مناسبة للتذكير بموقف الإسلام من هذه العمليات، وما تحمله معها من إزهاق للأرواح وترويع للآمنين، ليس فقط على مستوى الحدث الفرنسي؛ بل كمبدإ عام يجب مراعاته وإسقاطه على كل الأحداث في كل مناطق العالم وعلى كل العمليات الإرهابية المستهدفة لكل الأجناس والديانات والمؤسسات، باعتبار أن الإرهاب لا لون له ولا دين ولا جنسية…

كما شكل مادة إعلامية دسمة؛ حيث انبرت الصحف والمواقع الإخبارية لتغطية الحدث وتتبع مجرياته، ولوحظ ما تدفق من تعليقات ومبادرات وآراء وأخبار عن مظاهر الاحتجاج، وكذا المؤاخذات على تلك الاحتجاجات، خاصة من طرف بعض المشاركين في هذه المسيرات والوقفات.

وكانت فعاليات مغربية سباقة إلى تنظيم وقفات تضامنية مع ضحايا «شارلي ايبدو» بالرباط والبيضاء؛ حيث شارك حوالي 650 شخصا في وقفتين متفرقتين في مدينة الدار البيضاء، فيما تجمع أكثر من 100 صحافي في العاصمة الرباط، تضامنا مع ضحايا أسبوعية شارلي إيبدو الساخرة.

وتجمع نحو 500 شخص ثلثاهم من الفرنسيين المقيمين في مدينة الدار البيضاء وبعض المدن القريبة منها، أمام القنصلية العامة لفرنسا في العاصمة الاقتصادية للمغرب، حاملين الشموع والورود وبعض لافتات التضامن مع « شارلي ايبدو» والشعب الفرنسي. إلا أن (المتتبع للوقفة الاحتجاجية التي نظمت بالرباط تحت شعار: «كلنا شارلي إيبدو»، سيكتشف تواجد أشخاص بنكهة التوابل، برلمانيين، صحفيين، حقوقيين وبعض الوجوه التي لم تجد لها مكانا بين التيارات العديدة والمتعددة التي تتطاحن في إطار المنفعة الشخصية وتحت غطاء حقوق الإنسان،… هؤلاء نفسهم الذين يؤكدون على أن الإسلام ينبذ العنف والتطرف، فيما أنهم يستبيحون أن يتم التعامل معه بعنصرية، وأن تتم إهانة مقدساته في إطار حرية التعبير… معبرة عن ذاتها: فأنا لست «شارلي إيبدو» و«شارلي إيبدو» ليست أنا، ولن أهين الشموع في مسيرات يتزعمها ملحدون كي أتضامن مع من تلذذ بإهانة رسولي عليه الصلاة والسلام… «كلنا محمد»). (كما أوردت «هبة بريس»، 13 يناير 2015).

ومن جهتها عملت باريس على حشد مسيرة مليونية قدرت وسائل إعلام فرنسية أعداد المشاركين فيها بمليون متظاهر، سجلت مشاركة خمسين ممثلا لدول أجنبية.، فيما عرفت المدن الفرنسية الأخرى مشاركة 350 ألف متظاهر. وذلك استجابة لدعوة الرئيس الفرنسي «هولاند» لجميع الفرنسيين، بهدف إظهار وحدتهم الوطنية ضد التطرف، وضد كل من يرتكب أعمالًا إرهابية، قائلا: «أدعو كل الفرنسيين والفرنسيات إلى الوقوف يوم الأحد معًا للتعبير عن معانى التعددية والمساواة والعدل التي تمثلها جمهوريتنا.. لابد أن نخرج من هذه الأزمة أكثر قوة».

المسيرة المليونية الحق الذي أريد به الباطل:

لكن الملاحظ أن المسيرة في باطنها غيبت القيم المصرح بها من طرف الرئيس الفرنسي، وكانت ضد الإسلام؛ حيث زادت من تكريس الحقد والعنصرية ضد الدين الإسلامي ورموزه، من خلال رفع شعارات ورسوم ساخرة بالنبي صلى الله عليه وسلم، في الوقت الذي شارك فيه مسلمون في مسيرة باريس لإدانة الهجوم المسلح الذي أودى بحياة 12 من موظفي الجريدة بينهم أربعة من أبرز رساميها، وهم يدينون حتى الرسوم المسيئة للإسلام وللنبي صلى الله عليه وسلم، لكن الجريدة تصر على الاستهتار بمشاعر المسلمين، رغم التعاطف الذي حظيت به من طرف الكثيرين منهم، وقد ذكر المجلس الفرنسي للديانة المسلمة في باريس أنه رصد وقوع أكثر من 50 اعتداء ضد المسلمين في فرنسا منذ الهجوم على صحيفة «شارلي إيبدو» الساخرة ونقل «مرصد مكافحة الإسلاموفوبيا» التابع للمجلس، حصيلة صادرة عن وزارة الداخلية الفرنسية تضمنت تسجيل وقوع 21 اعتداء (إطلاق نار أو إلقاء قنابل) و33 تهديدا عبر رسائل أو توجيه شتائم منذ الحادث الإرهابي. وفي رد أولي تداول عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لحافلات معلق عليها لافتات مكتوب عليها بالإنجليزية «النبي محمد.. نور الحياة.. ومعلم الحق.. ورحمة للمؤمنين»، كما أن المدن الألمانية شهدت عدة مظاهرات ووقفات احتجاجية ضد حركات معادية للإسلام؛ للتأكيد على استبعاد أن يكون للنبي محمد صلي الله عليه وسلم بصفة خاصة أو للإسلام بصفة عامة أي علاقة بالإرهاب الذي ينتشر في جميع أنحاء العالم.

نبذ ازدراء الأديان والتنديد بالرسوم المستهزئة برسول الإسلام:

(الموقف المغربي المعبر عنه بالسلوك الذكي للدبلوماسية المغربية)

ولعل هذا مما حذرت منه وزارة الشؤون الخارجية المغربية في بلاغ لها حول مشاركة المغرب في المسيرة، مؤكدة مشاركة وزير خارجيتها، مشددا على أنه لا مزوار ولا أي مسؤول مغربي «لا يمكن أن يشارك في هذه المسيرة، في حال رفع رسوم كاريكاتورية مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم»، وفعلا تراجع وزير الخارجية عن المشاركة في المسيرة بعدما تأكد رفع صور مسيئة للدين الإسلامي ورسوله؛ حيث اكتفى بالمشاركة في حفل الاستقبال صباح اليوم بقصر الإيليزي، وتقديم التعازي للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند. وكان هذا موقفا طبيعيا للمغرب الذي يحكمه أمير المومنين، وقد كان لهذا الموقف صدى إيجابيا في كثير من المواقع، ولقي هذا السلوك الدبلوماسي الذكي ارتياحا داخليا وخارجيا، رغم أنه أحرج كثيرا من المسؤولين العرب المشاركين في المسيرة؛

حيث يرى الباحث في الدراسات الأمنيَّة والاستراتيجيَّة «عبد الرحيم المنار السليمي» في حديث لهسبريس بتاريخ 12 يناير 2015، أن «قرار مقاطعة مسيرة «شارلي إيبدو» كان شجاعًا، أراد به المغرب أنْ يوصل أكثر من رسالةٍ، إلى المحيط كما إلى العالم؛ في ظلِّ تنامي التطرف، وعجز فرنسا العلمانية عن تدبير الحقل الديني ومجابهة مشاتل المتطرفين بها. منها: أن المغرب بلد لإمارة المؤمنين، وأن الملك بصفته أمير المؤمنين لا يمكن أن يقبل بالمشاركة في مسيرة ترفع فيها رسوم مسيئة لجد أمير المؤمنين النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وأن المغرب يلعب دوره الإسلامي والعربي في حماية مقدسات الإسلام، ويسهم في دعم روحي ونفسي للجاليات المسلمة في كل بقاع العالم، فالدلالة النفسية والسيكولوجية مرتفعة جدا لأنها ستمكن الجالية المسلمة من الشعور والإحساس بان هناك إمارة المؤمنين الداعمة لهم في مرحلة صعبة، وأن المغرب يمد يده إلى فرنسا ودول أخرى في الجوار تعاني من فراغ ديني وباتت منتجة لفئات متعددة من المتشددين أكثر من أي وقت مضى…».

وأبرز الكاتب الصحفي عبد الباري عطوان قيمة السلوك الدبلوماسي المغربي الممثل لموقف المغرب مشيدا بموقف المغرب لمقاطعته لمشهد مسيرة «شارلي إيبدو»؛ حيث نعته بـ«المشهد الغارق في السخرية السوداء المرة»، في إشارة إلى تزعم بعض زعماء الدول للمسيرة التضامنية، مشددا على أن هناك «نقطة مضيئة لا بد من التوقف عندها احتراما، وهي مقاطعة وزير الخارجية المغربي والوفد المرافق له للمشاركة في «المسيرة التضامنية».

واصفا في مقال له، موقف المغرب بالشجاع، وقال «كم تمنينا لو أن الزعماء والمسؤولين العرب الذين شاركوا في المسيرة اتخذوا الموقف الشجاع نفسه»، معتبرا أن «معظم المسؤولين العرب والأجانب الذين تقدموا الصفوف هم من أكبر صناع الإرهاب الحقيقي الذي جاءوا لإدانته، والحاضنة الدافئة والمريحة له، بقصد وتعمد أو بغير…» (هسبريس – 12 يناير 2015).

 كما أثارت مشاركة رئيس الوزراء “الإسرائيلي”، بنيامين نتانياهو، في مسيرة ضد الإرهاب في باريس، والتي تقدمها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وقادة من مختلف دول العالم وعدد من الزعماء العرب، الجدل على الشبكات الاجتماعية؛ حيث تصدر «نتانياهو» الصف الأول لمسيرة الزعماء، والتي شارك فيها الرئيس الفرنسي، وأنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية، ورئيس وزراء بريطانيا، ديفيد كاميرون. وانتقد رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مشاركة «نتانياهو» قائلين: «نتنياهو يشارك في المسيرة المُنددة بالإرهاب في باريس، وهو من قتل 447 طفلا في الغارات الإسرائيلية على غزة «واعتبرته استفزازا للعرب والمسلمين والأديان كافة (يقتل القتيل ويمشي في جنازته) ومنهم من يرى أنه «لا يمكن أن أتعاطف مع ضحايا يتعاطف معهم نتنياهو الذي صال وجال وقتّل ودمّر وفعل ما فعل في فلسطين ولبنان وبالفلسطينيين واللبنانيين»، وأن «مسيرة باريس المنددة بالإرهاب يقودها « نتنياهو» قاتل الأطفال بغزة هذا من مهازل هذا الزمان فهذا الكلب لطخت يداه بدماء نساء وأطفال غزة « مما جعل حركة «حماس» تستنكر الهجوم الذي استهدف صحيفة «شارلي إيبدو» في باريس وأوقع 12 قتيلا مؤكدة موقفها المحدد من الأحداث الأخيرة في باريس، والمنسجم مع بيان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والذي استنكر ودان ما حدث من اعتداء على الصحيفة الفرنسية». وأوضحت الحركة أن «أي خلاف في الرأي والفكر ليس مبررا لقتل الأبرياء».

الإسلام بريء من الإرهاب وترويع الآمنين.. في ضوء مسيرة ضد الإرهاب برموز إرهابية

 

وأمام هذ التحشيد ضد الإرهاب ونوعية المشاركين في المسيرة الباريسية وما رافقتها من تعليقات صحفية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث نجد من يعتبر الإرهاب لا دين ولا جنسية له، ومن يعتبره لصيقا بالإسلام، ومن يعتبر الحادث مفبركا من أجل التضييق على المهاجرين، ومن يعتبره خير معول لهدم علاقة الإسلام بالغرب، ومحولة جديدة لتجسير علاقة الإرهاب بالإسلام… وهنا يمكن طرح عدة تساؤلات:

– هل بهذه المسيرة والوقفات الاحتجاجية يمكن وقف أو الحد من ظاهرة الإرهاب؟

– ولماذا غابت مثل هذه الحشود عن الاحتجاج عن مجازر غزة وبورما ومالي والعراق وليبيا وسوريا…؟

 – هل بعض الشخصيات التي تصدرت المسيرة في إمكانها أن تسهم في مكافحة الإرهاب مع أن فكرها وعقيدتها ويدها ملطخة بدماء الأبرياء؟

 – هل الوقفات والمسيرات في عمقها ضد الإرهاب أم النية مبيتة من طرف البعض لجعل الحدث مبررا لمحاربة الإسلام وتخوفا من أسلمة أروبا؟

 – ألا يمكن اعتبار تلك العملية الإرهابية عقوبة لفرنسا على مقدماتها للاعتراف بضرورة إزاحة الاستعمار “الإسرائيلي” عن فلسطين خاصة وأن هناك من يعتبرها عملية مفبركة؟

– وإذا كانت نية الرئيس الفرنسي حشد الفرنسيين والمسؤولين الدوليين للملمة الشعب الفرنسي ضد الإرهاب، فما هدف بعض المنظمات والشخصيات المعروفة بمعاداتها للإسلام والتي تجد لديها تهمة الإرهاب جاهزة لإلصاقها بكل ما هو إسلامي؟….

– أليس من الأهم البحث عن الجذور العميقة للإرهاب ومحاربة أسبابه وبواعثه خاصة أن أسبابه الظاهرة هو الفقر والحاجة وكثرة الظلم المسلط على الأفراد والشعوب، وعدم احترام القيم الخصوصية، وازدراء الأديان، وهضم حقوق الشعب الفلسطيني في العيش وإقامة دولته، ومعارضة حقه في الاستقلال، والتضييق على المسلمين في حرياتهم الشخصية…

التطرف والإرهاب صناعة منبوذة إسلاميا؛ والتربية على قيم الإسلام السمحة كفيلة بتجفيف منابعه

لقد شهدت الأمة الإسلامية في الآونة الأخيرة العديد من الأحداث الدموية ضد العديد من الأقليات غير المسلمة في العالم الإسلامي وخارجه، جعلت غير المسلمين ينظرون إلى الإسلام على أنه دين العنف والإرهاب وعدم احترام الآخرين المخالفين في العقيدة أو اللون أو الجنس، وكان آخر هذه الأحداث ما وقع في باريس على صحيفة «شارلي إيبدو» 11 يناير 2015، وبما أن منفذو العملية بمقر صحيفة «شارلي إيبدو» -حسب الرواية الرسمية وحسب التسجيل الصوتي المسجل- هم شباب من المسلمين وينفذون أوامر القاعدة في الانتقام لرسول الله على تلك الرسوم الساخرة المستهزئة من طرف الصحيفة، فلابد هنا من إثارة موضوع علاقة المسلم بالمخالفين في العقيدة وعلاقة الإسلام بالقتل والقتال والجهاد والانتقام والثأر… خاصة وأني قرأت مقالا تربويا يرى فيه كاتبه ضرورة إعادة النظر في برامجنا التعليمية لتحصين شبابنا من التطرف بعد انتشار ظاهرة التحاق الشباب بالدواعش، مقترحا إعادة تأهيل وتكوين أساتذة المواد الحاملة للقيم (الفلسفة – التربية الإسلامية – العربية – الاجتماعيات)، ولطالما عانت مادة التربية الإسلامية من الاتهام مع كل حادث إرهابي، في مبادئها وأهدافها ونوعية الفكر والقيم التي ترسخها، وهي اتهامات لها حمولة إيديولوجية موجهة لزرع الفتنة بين أبناء الأمة والتشكيك في قيمها وعقيدتها خاصة عندما تأتي من أبناء جلدتها.

 لا بد من التذكير أولا أن التطرف والإرهاب ليس منتوجا للمدرسة المغربية ولا البرامج الرسمية، فبنظرة تحليلية إحصائية لبعض المتطرفين أو «الإرهابيين» أو الملتحقين بداعش يلاحظ المتمحص الموضوعي أنهم لم يتخرجوا في جامعة القرويين أو ابن يوسف أو القاضي ابن العربي… وليسوا ممن أتموا دراستهم للبرامج الدراسية المغربية على علاتها… إنهم من إنتاج الفقر والحاجة والإغراء والفشل والبطالة وسوء مراقبة الآباء واستقالة الأسرة من مهمتها التربوية… إنهم فتية لم يتلقوا ما يكفيهم من قيم التربية الإسلامية السليمة في البيت والمدرسة، وتلقوا ذلك من المواقع الإلكترونية، ومن خلال تواصلهم مع المنظمات المشبوهة التي استطاعت تغيير طريقة تفكيرهم وتكوين بعض المفاهيم الإسلامية المرتبطة بالجهاد والعلاقة مع المخالفين في العقيدة والتركيز على آيات القتال مقتطعة من سياقها، ومغيبه عن أهدافها ومقاصدها. وتم احتضانهم وتدريبهم وتمويلهم من طرف دول وهيئات خارج أوطانهم وأهلهم. وهنا أذكر بالخطأ الذي ارتكب عند إلغاء كثير من المصطلحات من البرامج الدراسية كالجهاد والتنصير والتشيع والإلحاد والتطرف والولاء والبراء… وكيف عالج الإسلام العلاقة بين المخالفين في إطار احترام كرامة الإنسان.

طبيعة علاقة المسلم بالمخالفين له في العقيدة: علاقة العدل والاعتراف والاحترام

هي علاقة تقوم على قيم الاعتراف والمودة والسلم والبِر والقسط والعدل… وتتأسس على قوله تعالى في سورة الممتحنة «لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)».

الاعتراف بغير المسلم: من منهج الإسلام في التعامل مع المخالف

وهنا لا بد من استحضار المنهج الإسلامي في قضية غير المسلمين وكيفية التعامل معهم، ومنطلق ذلك تكريم النفس الإنسانية، فالنفس الإنسانية بصفة عامة مُكَرَّمَةٌ ومُعَظَّمَة.. وهذا الأمر على إطلاقه، وليس فيه استثناء بسبب لون أو جنس أو دين، قال تعالى في كتابه: العزيز: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً»(الإسراء: 70).

وهذا التكريم عام وشامل، وهو يلقي بظلاله على المسلمين وغير المسلمين؛ فالجميع يُحمل في البر والبحر، والجميع يُرزق من الطيبات، والجميع مُفضَّلٌ على كثيرٍ مِن خلْق الله.

 ويرى د. راغب السرجاني في كتابه «فن التعامل النبوي مع غير المسلمين» أن مسألة الاعتراف بغير المسلمين من صلب العقيدة الإسلامية؛ إذ أننا لا نقبل بحال من الأحوال أن نُكرِه أحدًا على تغيير دينه، وكل ما نرجوه من العالم أن يقرأ عن الإسلام من مصادره الصحيحة قبل أن يُصدر الأحكام على شرع الله وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقف مع الآخرين المخالفين له عند حد الاعتراف فقط! لقد تجاوز رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه المرحلة إلى ما بعدها وما بعدها.. وهو ما استعرضه الدكتور راغب السرجاني في الفصل الثالث من الكتاب، حيث تناول طرفًا -ليس فقط من اعترافه صلى الله عليه وسلم بغير المسلمين- ولكن أيضًا من احترامه صلى الله عليه وسلم لهم وتقديره لمكانتهم، وذلك من خلال جمال الحوار، ومنهج التبشير في حياته صلى الله عليه وسلم، ومدح المخالفين، واحترام الرسل والزعماء (البروتوكول النبوي).

وفي دراسة حول سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، والمبادئ التي قامت على أساسها الشريعة قام بها الدكتور نظمي لوقا -وهو باحث نصراني- كتب هذه الكلمات: «ما أرى شريعة أدعى للإنصاف ولا شريعة أنفى للإجحاف والعصبية من شريعة تقول: «وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا» (المائدة:8). إذ الاعتراف بالآخر مدعاة للاحترام وتجسير العلاقات والتقريب بين الثقافات… ويرى الدكتور مصطفى بنحمزة رئيس المجلس العلمي المحلي لوجدة وعضو المجلس العلمي الأعلى «أن نجاح الرسول صلى الله عليه وسلم في عقد علاقات احترام مع غير المسلمين ناشئ ولا شك عما وجدوه منه من تعامل كريم ومن إنصاف لهم، وقد كان لأسلوب الحوار في القرآن والسنة أثره في تقريب غير المسلمين واستدعائهم إلى رحاب الإسلام، فقد ناقش القرآن غير المسلمين وساءلهم عن كثير من عقائدهم، وكشف لهم عن جانب الضعف فيها، كما تحدث عن المتبقي السليم من دينهم، وكل ذلك ساعد كثيراً على تجسير الهوة بينهم وبين الإسلام، وجعلهم أقرب إليه ممن لا كتاب لهم».

وقد رتب الإسلام ضوابط وأخلاقيات لعلاقة المسلم بمخالفه غير المحارب انطلاقا من أصولها الشرعية، ومنها:

1- كف الأذى والظلم، وعدم التعدي عليه، وهذا مما يصدق عليه مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما»؛ فهكذا يتحدد هذا الوعيد على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن قتل غير المسلم المعاهد!.

2- التزام أصول الأخلاق الإسلامية معه، من الصدق والأمانة، والعدل والإنصاف، والرحمة في مواضعها الشرعية، وما إلى ذلك من أصول الأخلاق الحميدة.

3- جواز إيصال البر والمعروف الإنساني إليه، ومن ذلك جواز الهدية والإغاثات ونحو ذلك من أعمال الأخلاق الحسنة، بضوابطها الأخلاقية الشرعية، ومن ذلك الهدية مثلاً: فقد قالت أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما-: قدمت عليَّ أمي وهي مشركة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: إن أمي قدمت وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال صلى الله عليه وسلم: «نعم، صلي أمك»، وأهدى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حلة إلى أخ له مشرك بمكة، كانت قد جاءت من النبي صلى الله عليه وسلم، وأباح الله قبول الهدية من المشركين وغير المسلمين بعامة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب الغنم المشرك عندما أراد أن يأخذ منها شاة: «بيعا أم عطية؟ أو قال: أم هبة؟» قال: لا بل بيع، فاشترى منه شاة».

وقد وثقت مجموعة من القيم الضابطة لعلاقة المسلم بمخالفيه في العهدة العمرية التي دونها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتحمل مجموعة من قيم المواطنة والتسامح والعيش الآمن:

الإسلام بريء من الإرهاب وترويع الآمنين.. في ضوء مسيرة ضد الإرهاب برموز إرهابية

مصطلح الجهاد (القتال) وشبهة القتل:

القتال في شريعة الإسلام أمر طارئ، استثنائي، يفرضه عدوان الآخرين على المسلمين بإكراههم وفتنتهم في دينهم وإخراجهم من الأوطان والديار بالتهجير والاستعمار والاحتلال. إذ القتال في جميع الآيات التي أتى فيها الإذن أو الأمر تحث عليه لم تخرج عن الحالتين المقررتين في سورة الحج: «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً..» فحسب النص القرآني نجد الحالتين في مواجهة الظلم أو رد الظلم والعدوان:

– أن يَفتن الآخرون المسلمين، بأن يكرهونهم على الكفر، أو يحُولون بينهم وبين حرية الدعوة إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة.

– إخراج المسلمين من ديارهم وأوطانهم أو المظاهرة (المساعدة) على هذا الإخراج.

فعندما أمر القرآن المسلمين بالقتال كان ذلك لمن أخرجوهم من ديارهم وهو رفض كذلك للعدوان يقول الله تبارك وتعالى في سورة البقرة:

 «وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ (190) وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ (191)».

وكذلك كان المقام وكانت الأسباب والمقاصد عندما استنفر القرآن المسلمين لخوض غمار القتال فالمقام والسبب لهذا الاستنفار هو عدوان الآخرين أو المشركين عندما استفزوا الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين فأخرجوهم من الديار، وعندما تآمروا على الرسول صلى الله عليه وسلم ليقتلوه «وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِين» (الأنفال:30)، ويقول تبارك وتعالى: «وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا» (الإسراء:76). ومع ذلك وضع الإسلام مبادئ وضوابط للقتال ضمنتها كتب الفقه في فقه الجهاد.

– قيم القتال وضوابطه الأخلاقية: الدستور الأخلاقي في فقه الجهاد

 بين رسول الله صلى الله عليه وسلم الغرض الأساسي من بعثته النبوية السامية بقوله: (إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق) رواه أحمد في مسنده، ومكارم الأخلاق هذه هي الأساس في حفظ حقوق الآخرين، وعدم الاعتداء، وسلامة المجتمع، ومن ثم التقليل من الخسائر بما يضمن للآخرين التعايش بالصورة الإنسانية الصحيحة.

وفي الحرب ضرب الرسولُ الكريم صلى الله عليه وسلم أروعَ المثل على الرحمة والعدل والتفضل ومراعاة آدابها الإنسانية؛ ففي قتاله لا يَغدر ولا يفسد ولا يَقتل امرأة أو شيخًا أو طفلا، ولا يَتبع مُدبرا، ولا يُجهز على جريح، ولا يُمثِل بقتيل، ولا يسيء إلى أسير، ولا يلطم وجها، ولا يتعرض لمسالم.

ولا شك في أن النهي عن قتل الضعفاء، أو الذين لم يشاركوا في القتال، كالرهبان، والنساء، والشيوخ، والأطفال، أو الذين أجبروا على القتال، كالفلاحين، والأجراء (العمال) شيء تفرد به الإسلام في تاريخ الحروب في العالم، فما عهد قبل الإسلام ولا بعده حتى اليوم مثل هذا التشريع الفريد المليء بالرحمة والإنسانية، فلقد كان من المعهود والمسلّم به عند جميع الشعوب أن الحروب تبيح للأمة المحاربة قتل جميع فئات الشعب من أعدائها المحاربين بلا استثناء (مصطفى السباعي: السيرة النبوية، دروس وعبر، ط1).

فحياة الإنسان لدى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم مصونة لا يجوز التعرض لها بالترويع أو الضرب أو السجن أو الجلد (عبد العزيز الخياط: حقوق الإنسان والتمييز العنصري، دار السلام، ط1، 1989/1410هـ، ص:22) أو المثلة والتشويه.

وعلى أساس احترام النفس الإنسانية كان الرسول صلى الله عليه وسلم يربي أصحابه (محمد شديد: الجهاد في الإسلام، مؤسسة المطبوعات الحديثة) والرسول صلى الله عليه وسلم يوفي بالعهود والوعود التي يقطعها على نفسه، ويشدد على نفسه إلى أقصى مدى حقنا للدماء. وحتى في حالة رد الظلم والعدوان فالمسلم لا يقاتل غِيلة ولا فجأة وإنما لابد له من إعلام الآخر، يقول سبحانه وتعالى: «وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِين» والآية توجيه للمسلمين بعدم البدء بالقتال ولكن انبذ إليهم (أعلمهم أو أخبرهم)، وإذا قاتل المسلم رفعا للظلم أو ردا لعدوان فإنه لا يُجهِز على جريح، ولا يقتل أسيرا؛ بل ولا يضيق عليه في ضروريات حياته، وكذلك لا يقتل ولا يقاتل غير المقاتلين، فلا قتال ولا قتل للنساء، والأطفال والمسالمين، والرهبان والعباد، والمنصرفين إلى الزراعات والتجارات والصناعات والحرف وشئون العمران؛ بل ذهبت أخلاق القتال الإسلامية إلى الرفق بالحيوانات والنبات أثناء الحروب إذ يوجه إلى ألا يقطع شجرا ولا يقتلع زرعاً، ولا يدمر البيئة، ولا يذبح حيواناً…. وفي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده، رضي الله عنهم ذخائر من هذه السلوكات..

أخرج البخاري ومسلم ومالك في الموطأ عن بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في بعض مغازيه امرأة مقتولة فأنكر ذلك ونهى عن قتل النساء والصبيان، وكتب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه إلى عامل من عماله يقول له: «أنه قد بلَغَنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث سرية يقول لهم:» اغزوا بسم الله، في سبيل الله،… لا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا « ومن طلب الأمان من المقاتلين ولو بالإشارة فدَمُهُ مصون وحرام…».

ولقد صاغ أبو بكر الصديق رضي الله عنه دستوراً للقتال في الإسلام عندما قال ليزيد بن أبي سفيان عندما بعثه إلى فتح الشام: «ستجد قوماً زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله فذرهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له وإني موصيك بعشر: لا تقتلن امرأة، ولا صبياً ولا كبيراً ولا هرماً ولا تقطعن شجراً مثمراً، ولا تخربن امراً، ولا تعقرن شاة ولا بعيراً إلا لمأكلة، ولا تحرقن نخلأً ولا تفرقنه ولا تغلل ولا تجبن» (الحديث رواه مالك في الموطأ).

موقف الإسلام من العمل الانتقامي:

(الانتقام آفة النفوس الضعيفة، وليس من سماحة وتعاليم الاسلام)

 من المبادئ الثابتة في شريعتنا الإسلامية أن كل عمل إرهابي انتقامي يرفضه الدين الإسلامي كما ترفضه بقية الأديان والمعتقدات، لكونه يتنافى مع المبادئ والقيم الإنسانية، وتسعى لإشعال الصراعات والحروب الكونية، وإذا كانت الصحيفة المستهدفة قد أساءت لنبي الإسلام من خلال الرسومات المسيئة، فإن الحكمة في مواجهة ذلك تكون بالحوار ونشر القيم النبيلة والإقناع بقيم التسامح واحترام الخصوصيات العقدية، لا بالقتل وسفك الدماء وتدمير الممتلكات، لأن العنف لا ينتج إلا العنف، والحوار والإقناع يؤدي دورا إيجابيا في تحقيق الهدف ونشر رسالة الإسلام، وما انتشر الإسلام يوما بالسيف والعنف، لذلك فإن العداء والسخرية لا يواجه بالانتقام والثأر، وما كان للحق إلا أن ينتصر على الكذب والبهتان، فقد أقدم الكاتب الدنماركي «كوري بلوتيكن» على نشر كتاب من 272 صفحة، مزودة برسومات تصور الرسول -صلى الله عليه وسلم- بطريقة مسيئة، مما اعتبره المراقبون إساءة جديدة للدين الإسلامي والنبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، ومع هذا لم يكتب له النجاح حتى لدى المجتمع الدنماركي ذاته، وحتى بين أوساط النقاد، ومنهم الناقد « ستيفن لارسن»، والأديب «توماس هوفمان» اللذان اتهما الكاتب بأنه يجهل الدين الإسلامي تمامًا، كما كتب المتخصص بالتراث الإسلامي «جون مولر لارسن»، قائلًا: «بأن الكاتب ابتدع الموضوعات الخاطئة ونشر الصور الكاذبة».

كما أن صحيفة البوليتكن الدنماركية نشرت في نوفمبر 2006: أن عدد الدنماركيين الذين يعتنقون الإسلام يتزايد يومًا بعد يوم.. وأن كل يوم يمر يختار مواطن دانماركي واحد ا على الأقل اعتناق الدين الإسلامي، حتى أن عدد المعتنقين للإسلام يتراوح ما بين خمسة عشر دانمركيًا في الأسبوع الواحد ولا زالت في ذهن كل مهتم ندم أحد منتجي الفيلم المسيء للنبي وهو يعتنق الإسلام ويبكي ندما عند قبر الرسول الرسول صلى الله عليه وسلم. فكم ممن نالوا من الإسلام ومن رسول الله عبر التاريخ ثم تابوا وأسلموا وحسن إسلامهم،

فالانتقام آفة النفوس الضعيفة وليس من سماحة وتعاليم الاسلام ولنا فى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنه عندما أوذى كثيرا من أهله، وعندما وقعوا فى قبضته قال: «ما تظنون أنى فاعل بكم؟»، قالوا: «أخ كريم وابن أخ كريم»، فرد عليه الصلاة والسلام بقوله: «لا تثريب عليكم اليوم، اذهبوا فانتم الطلقاء». وكان في إمكانه الانتقام… وكذلك قصة سيدنا يوسف بعد أن أصبح مالكا لخزائن مصر وجاء إخوته إليه وأصبحوا فى قبضته -وقد سبق أن أبعدوه عن والده وآذوه وحاولوا قتله- تناسى كل ذلك ولم ينزع إلى الانتقام، فقال لهم: «لا تثريب عليكم»، وعفا عنهم.

وأخيرا:

فقد قيل: «إن الإرهاب أبوه مفقود، وأمه مجهولة، وإن وجوده مرهون بوجود التعصب متبوعا بالتطرف. ولذلك فالإسلام لم يعترف ببنوة الإرهاب، ولا قرابة التطرف، ولا صحبة التنطع في الدين.. فهو يرى من هذه الأمور جرائم سلوكية مؤثرة في بنيان المجتمع وتماسكه. وما دام العنف والرعب والفزع من عوامل هدم عرى المجتمعات وتماسكها فإن الإسلام يعلن مجدداً رفضه وعدم الاعتراف الشرعي به. (جدلية الإرهاب من منظور الفقه الإسلامي – د. خالد رمزي البزايعة عن وكالة عمون الإخبارية).

وما يحدث اليوم من عنف وبلطجة وإجرام باسم الإسلام يعتبر تأسلما وليس إسلاما، فالإسلام بريء من «قطع الرقاب» وترويع الآمنين (كما صرحت بذلك الدكتورة آمنة نصير، أستاذة الفلسفة بجامعة الأزهر في حوار لـ «المصرى اليوم»)، حيث ترى أن أعداء الأمة يحاولون إلباس الدين الإسلامي الذي يتصف بالرحمة والسماحة، ثوب القتل والخسة، لافتة إلى أن الإسلام براء من داعش والداعشيين، كما كان براء من القاعدة وبن لادن من قبل وكل من على شاكلتهم.

موجهة كلمة إلى الأمة: «أفيقوا واصنعوا دواءكم وسلاحكم وطعامكم تملكون كلمتكم وقراركم»، «داعش» صناعة أمريكية مسخرة لخدمة هدفين جليين: تفتيت المنطقة بأيدي أبنائها، وإضعاف المنطقة لتبقى عالة على الغرب وسوقا لمنتجاته. وعليه فالإرهاب منبوذ بكل أشكاله وأساليبه، فكرياً وأخلاقياً ودينياً. فالشريعة الإسلامية السمحة بقواعدها الكلية ومقاصدها العامة حرمت استخدام العنف وأدواته وسيلة للتفاهم بين المسلمين وغيرهم من الأمم الأخرى، بل راعى جانب اللين والعطف والرحمة حتى أثناء النزاعات المسلحة، فتجعل من الجندي المسلم رسول سلام ومحبا لإنسانية الإنسان لا لدينه أو لونه أو عرقه أو طائفته.. بل لأنه إنسان مكرم من خالق البشرية، والاسلام يريد من المسلم الايمان العميق بمبادئه وقيمه، باعتبار أن اللجوء إلى الإرهاب والعنف والقتل والتدمير لا ينسجم مع دين الله ولا منهج النبوة.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M