يا للذل والهوان.. فإلى متى؟

19 يناير 2015 22:09
يا للذل والهوان.. فإلى متى؟

يا للذل والهوان.. فإلى متى؟

ذ. أحمد اللويزة

هوية بريس – الإثنين 19 يناير 2015

كل إنسان خلقه الله إلا وكرامته جزء من فطرته، وعزته تاج على رأسه، قال تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم}؛ وإذا كان كل مولود يولد على الفطرة التي يشوهها أبواه، فإن كل إنسان يولد كريما فيسلبه الأشرار كرامته، ويجعلونه عبدا خاضعا لأهوائهم ونزواتهم، يتمتعون بذلك في الوقت الذي يشقى هو باستعبادهم له، وهذا وفق طبيعة الأشياء ومقتضى العقل السليم.

غير أن الواقع يشهد بتغير في الأحوال، ويكشف مظاهر وأهوال، حيث أن المستعبد أصبح يسعد باستعباده، والمهان يسعد بهوانه ويستعذب ذله واحتقاره، وهو أمر يضاعف المعاناة لدى النفوس الأبية والقلوب المحترقة، حرقة على الرضى بالذل، وألم باستحسان الهوان، هذه سيرة هذه الأزمان، أصبحت لصيقة بمن الأصل فيهم العزة والكرامة؛ إنهم المسلمون. وإنها لَقِمة الشعور بالمرارة والأسى أن تنقلب الموازين؛ ويصير الغالب مغلوبا والحاكم محكوما والمخدوم خادما، أن نصير أمة كانت تصبح على الكرامة وتمسي على الشرف أمةً تصبح على ذل وتمسي على مهانة.

هذا وصف لا تخطئه العين ولا يفقده الحس لمن كان لا زال يبصر ويحس في زمن فُقِد فيه الإحساس، حيث تتوالى الإهانة من كل حدب وصوب، من القريب والبعيد، في الصحافة والإعلام والفن والسينما والملتقيات واللقاءات، في السلم والحرب في الجد والعبث… والضحية دائما المسلم الذي كرمه الله بالإسلام دين الكرامة، فأين يكمن الإشكال؟ وهل يليق بمسلم حقا أن يصيبه من هذا الذي ذكرت ولو ذرة من ذلك؟ أليس يقول رب العزة: {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين}؟ فأين الخلل إذن؟

ألهذا الحد صار المسلم مهانا حتى في بلده، ويصبح الغريب أكثر منه مكانة وأعلى شرفا معززا مكرما مهابا محاطا بكل عناية وتقدير؟ ألهذا الحد صار المسلم في الدرجة الأخيرة في سلم ترتيب المواطنة، ويكون إنقاذ أجنبي كافر أولى من إنقاذ مسلم في بلده، ونجدة سائح أهم من نجدته؟ وتسخر الإمكانات كل الإمكانات من أجل الأجانب، ويترك المسلمون من أهل البلد يواجهون مصيرهم! فإذا كان هذا في الوطن فكيف الحال في بلدان الآخرين؟ لا شك أن المسلم اليوم يعيش بدون كرامة، تحاك ضده المؤامرات، وتقضى دونه الأمور، ويساق إلى الموت كالنعاج.

لن ألوم أحدا بقدر ما ألوم كل مسلم على نفسه، فإن الاستهانة بشرع الله ورّثته استهانة العالم به، واحتقار الدين جلب احتقار الشعوب له، فالجزاء من جنس العمل {ومن يهن الله فما له من مكرم} ومن يكرمه الله عز وجل لا بد له من الأخذ بالأسباب الشرعية، قال جل جلاله: {فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم} إنه الإيمان الذي يقتضي العمل تعظيما لدين الله، فيحقق العظمة لصاحبه، فقد كان المسلم مكرما معظما يوم كان مسلما يقدر الله حق قدره، فكانت صفة المسلم كافية لأن يقام له ويقعد، ولكنها تلك الأيام، حين يجيش الخليفة المعتصم جيشا جرارا انتصارا لعرض امرأة أهانها النصارى، فنادت وا معتصماه، فلبى النداء وهو لا يعرف من تكون إلا أنها مسلمة شرفها فوق العيون ودونه النحور، إنها العزة الإيمانية يا سادة.

هذه زفرة مكلوم، أما حال الوطن فشيء يبكي الدم بدل الدمع، ولا زال القوم في غمرتهم ساهون، فاصبروا أيها الشرفاء الأحرار، فأنتم بالإيمان والاستقامة تعيشون عزا بعز الإسلام، فلا تهنوا، وصبركم سيزيل الضيم، وتحديكم سيرفع الغشاوة، وجهادكم سيحيل ظلام الذل إلى نور العز.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M