«تريكة سعدي بولدي».. ونصرة قضايا الإسلام

21 يناير 2015 22:15
«تريكة سعدي بولدي».. ونصرة قضايا الإسلام

«تريكة سعدي بولدي».. ونصرة قضايا الإسلام

نجاة حمص

هوية بريس – الأربعاء 21 يناير 2015

في ظل الظروف العصيبة التي تمر منها الأمة الإسلامية اليوم، وما يتعرض له الدين الإسلامي والمسلمين من نكاية وتنكيل، يخرج علينا من حين لآخر، من يزبد ويرعد ويتوعد الأعداء، بجيل من طينة صلاح الدين الأيوبي ونور الدين زنكي، وهناك من يحلو له التغني “بخيبر خيبر يا يهود”، وكأنما وضع في بطنه “بطيخ صيفي” سيفرخ عما قريب، جيشا لا قبل للعدو بدحره.. فهل تربيتنا لأبنائنا ستسفر حقا على جيش محمد صلى الله عليه وسلم؟ وما هي مقومات النشء الذي سيحقق “الطايلة” للأمة؟

هل هو ذلك الذي اختار له أبوه أما، بناء على ما رآه من إتقانها للرقص والتلوي في عرس ما، أم ذلك الذي أرسل والدته لتختار له شريكة، فحرصت على تفحص الكتفين واليدين وكل ما سيكفيها عناء “التصبين” وحمل الزربيات؟..

هل هو ذلك الذي جاء كخطأ في الحساب، وسط العديد من الإخوة والأخوات، لا تعرفه أمه ولا أبوه إلا برقمه الترتيبي، لا يصله حنان ولا تربية، وكلما ضاق الأبوين ذرعا، وأرادا الاستماع إلى عظامهما، أو الرفث إلى بعضهما البعض، أرسلاه مع إخوته ليلعب في الشارع، ليعود مع حصيلة جيدة من المفردات والتصرفات الساقطة؟..

هل هو الذي ينشا على الدلع و”بوس الواوا”، ويتعلم منذ نعومة مخالبه، ضرورة تلبية رغباته، وإلا سيلجأ حفظه الله، إلى البكاء والعويل، وافتراش الأرض، والتمرغ ذات اليمين وذات الشمال؟..

أم هو ذلك الذي يفتح أذنيه، على المفردات لسعادة الأب وحضرة الأم، وكلما ردد ما يقال، طار الوالدين المحترمين، من فرط السعادة، ولا يطيقان صبرا على إبداء موهبة طفلهما لكل الأقارب والأصحاب، فيتفنن الصغير في البصاق على الوجوه، وترديد القاموس الزنقوي، تحت وابل من الإعجابات وسيل من القبل والمعانقات؟..

أم هو ذلك الذي يستفيق كل صباح، متورما من شدة النوم، يرمق من أيقظه بنظرات نارية معمشة، وما إن يتموضع، ويعي قليلا حتى يزلزل المكان وما جاوره، بصرخات غاضبة مستنكرة، ولا يهدا إلا بعد أن يخرج الأب ما في جيبه، وتحضر الأم ما لذ وطاب، تطييبا للخاطر، وجبرا للضرر الناتج..

هل هو ذلك الذي تعلم منذ الصغر، الحصول على ما يريده بلا أي جهد أو تعب، لا يعرف من أين يأتي الدرهم، ولا كيف السبيل لتحصيل لقمة العيش، حتى إذا اشتد عوده، ورفع الوالدين الراية البيضاء، عمد إلى تأجير المؤخر والمقدم، كأقرب طريق وأسهل واربح تجارة..

هل هو ذلك الذي يظل معتكفا، أناء الليل وأطراف النهار، مسندا جدران الأزقة والحارات بظهره، يتابع الغادية إلى أن تروح، والرايحة إلى أن تغدو، متعلقا برقبة كل من ألقاها سوء حظها في طريقه كالبقة، يظل يفرق أرقام هاتفه، ويشنق على أبويه لشراء “تعبئة” لهذه وهدية لتلك..

هل هو ذلك الذي وفر له الوالدين، مقعدا في مدرسة خاصة، يذهب ويعود في وسيلة نقل مريحة، لا يعرف شمسا ولا بردا، يغدو محملا مجملا بـ”دانون” و”بيمو”، وكل ما توزعت النتائج شوهدت سيارات الإسعاف بباب أسرته السعيدة، لتقل الأب أو الأم، بعد نوبة قلبية أو عصبية مفاجئة، ورغم ذلك لا يجد الوالدان حرجا في السير قدما، إلى معلمي الطفل، كلما اشتكى الصغير من معلم يصر بلا سبب على حفظ جدول الضرب، أو آخر يرى conjugaison شيئا بالغ الأهمية في اللغة الفرنسية، بل ويهجمون بربطة المعلم، على كل من سولت له نفسه خدش شعور الطفل البريء بنظرة أو مجرد كلمة، أو تناسى تقبيله في الدخول والخروج..

هل هو ذلك الذي فتح عينيه على لقب “ولي العهد”، فظن المسكين أنه فعلا أمير غير متوج، كلما أراد التقلب على أحد جنبيه، نادى أمه التي تغدق عليه من “سعدي بولدي” ما تقر به عيناه، يأكل بمساعدة ويشرب بإعانة، ولو أمكن أن يذهب أحد آخر بدله لقضاء حاجته لما كره “سعدي بولدي”..

وتلك التي ستكون أما ومربية لجيل الغد، هل هي تلك التي تقضي جل وقتها في تتبع حلقات المسلسلات، وحفظ أسماء الأبطال والبطلات، وما إن ينتهي مسلسل حتى يبدأ آخر، وما بين مسلسل ومسلسل هناك مسلسل..

أم هي تلك التي كلما غمز لها غامز، وقعت على “زنفارتها”، تجاهد لترى الحبيب قرب مكبات الازبال، والأماكن المظلمة، متحدية الكون في سبيل الحب والعشق الممنوع، حتى إذا فاتحت “الدون جوان” بما يفيد الخطوبة أو الزواج، فص ملح وذاب..

هل هي تلك التي كلما أرادت الخروج، دخلت في سروال ضيق، يكاد ينفجر من شدة “التزيار”، أخرجت الكتفين وما استيسر من الصدر من فتحة القميص، ولم تنس أن ترفع هذا الأخير قليلا وتنزل السروال لتبدي سرتها للتنفيس عن تحضرها وتفتحها..

أم هي تلك التي هي مستعدة لإعطاء كلها أو جلها، لمن يشتري لها “بوكاديوس”، ولا ترى باسا في القفز إلى كل سيارة فتح لها صاحبها بابها، والتشعبط في رقبة كل من يلوح لها بـ20 درهم..

هل هي.. تلك؟

 وهل هو.. ذاك؟

هل؟

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M