تكييف شرعي لبعض وسائل الاحتجاج والتظاهر المعاصرة: المسيرات والوقفات والاعتصامات (ح7)

10 فبراير 2015 20:56
تكييف شرعي لبعض وسائل الاحتجاج والتظاهر المعاصرة: المسيرات والوقفات والاعتصامات (ح8)

تكييف شرعي لبعض وسائل الاحتجاج والتظاهر المعاصرة: المسيرات والوقفات والاعتصامات (ح7)

د. محمد أبوالفتح

هوية بريس – الثلاثاء 10 فبراير 2015

* متى يكون للمتظاهرين حكم البغاة عند الشافعية؟

• المذهب الشافعي:

قال النووي في تعريف البغي: “الباغي في اصطلاح العلماء: هو المخالف لإمام العدل، الخارج عن طاعته، بامتناعه من أداء واجب عليه أو غيره بشرطه الذي سنذكره”. (الروضة 7/270).

واشترط الشافعية للبغي شرطين هما:

– التأويل.

– الشوكة.

قال النووي: “أما البغاة؛ فتعتبر فيهم خصلتان:

*أحدهما: أن يكون لهم تأويل، يعتقدون بسببه جواز الخروج على الإمام، أو منع الحق المتوجه عليهم، فلو خرج قوم عن الطاعة، ومنعوا الحق بلا تأويل، سواء كان حداً، أو قصاصاً، أو مالاً لله تعالى، أو للآدميين، عناداً، أو مكابرة، ولم يتعلقوا بتأويل فليس لهم أحكام البغاة…

الخصلة الثانية أن يكون لهم شوكة وعدد، بحيث يحتاج الإمام في ردهم إلى الطاعة إلى كلفة، ببذل مال، أو إعداد رجال، ونصب قتال، فإن كانوا أفرادا يسهل ضبطهم فليسوا بغاة، وشرط جماعة من الأصحاب في الشوكة أن ينفردوا ببلدة أو قرية أو موضع من الصحراء، وربما قيل يشترط كونهم في طرف من أطراف ولاية الإمام بحيث لا يحيط بهم أجناده، والأصح الذي قاله المحققون: أنه لا يعتبر ذلك، وإنما يعتبر استعصاؤهم، وخروجهم عن قبضة الإمام، حتى لو تمكنوا من المقاومة وهم محفوفون بجند الإسلام؛ حصلت الشوكة” (الروضة 7/271 فما بعدها).

وقال النووي: “الذين لهم تأويل بلا شوكة، أو شوكة بلا تأويل، ليس لهم حكم البغاة”. (الروضة 7/275).

ولم يشترط الشافعية في البغي أن يكون الإمام عدلا، بل إن الصحيح عند جمهورهم عدم جواز الخروج على الإمام وإن جار.

قال النووي: “قال جماهير أهل السنة من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين: لا ينعزل بالفسق، والظلم، وتعطيل الحقوق؛ ولا يخلع، ولا يجوز الخروج عليه بذلك، بل يجب وعظه وتخويفه؛ للأحاديث الواردة في ذلك” (شرح مسلم 12/229).

يتلخص مما سبق أن الشافعية يشترطون في البغي:

– الخروج عن طاعة الإمام بمنع حقه الواجب.

– التأويل السائغ.

– الشوكة والعدد.

واشترط بعضهم مع الشوكة، الانفراد بقرية أو موضع، وهو ما عبر عنه الحنفية بالتحيز، واشترط بعضهم أن تكون في طرف البلاد التابعة للإمام، وقد رجح المحققون من الشافعية عدم اشتراط شيء من ذلك، يعني: التحيز أو التطرف.

وعلى هذا فإن المتظاهرين يكون لهم حكم البغاة على المذهب الشافعي إذا اجتمعت فيهم الأوصاف التالية:

– الخروج عن طاعة الحاكم بالامتناع من أداء حقه الواجب، ومن الخروج عن طاعته التظاهر بغير إذنه.

– أن يكون المتظاهرون متأولين في تظاهرهم تأويلا سائغا، مثل المطالبة بحق أو رفع ظلم، ونحو ذلك.

– أن يكون المتظاهرون ذوي عدد، ولهم شوكة ومنعة. 

فإذا تخلف شرط من هذه الشروط لم يُعد المتظاهرون من البغاة عند الشافعية.

تنبيه: القول بعدم دخول المظاهرات في البغي إذا كان الإمام يأذن فيها، أو إذا تخلف فيها شرط من شروط البغي، لا يعني بالضرورة مشروعيتها، لاحتمال ورود المنع عليها من جهة أخرى غير البغي. والله تعالى أعلم.

ملاحظة: استشكل بعض الناس تنزيل كلام العلماء على حكام المسلمين في هذا الزمان الذين لا يحكمون الشريعة، ولا شك أن عدم تحكيم شرع الله جور وظلم عظيم، ولكن هل هذا يعني تكفير هؤلاء الحكام، وإخراجهم عن دائرة الإسلام مطلقا؟!

فمن كان يكفر حكام المسلمين جملة وتفصيلا، فإن هذه المقالات لا تعنيه، ولا بد قبل ذلك من الكلام معه حول مسألة التكفير وضوابطه وموانعه.

ومن كان يرى أن هؤلاء الحكام هم مسلمون في الأصل، ولا يخرجون عن دائرة الإسلام وإن جاروا، حتى تتوفر شرائط الكفر وتنتفي موانعه؛ فإن كلام العلماء في أصناف الخارجين عن الحكام من بغاة، وخوارج، وقطاع طرق ينطبق عليهم. والله أعلم.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M