اقرأ وافهم واعمل مستعينا بالله

26 أبريل 2020 17:57
تفاعلا مع ما جاء في تدخل رئيس حركة التوحيد والإصلاح.. ملاحظات بسيطة ذات دلالات كبيرة

هوية بريس – د.إدريس أوهنا

قبل أيام قليلة كنا نستبشر بحلول شهر رمضان المبارك، وها هو ذا قد دخل. دخل على أناس رحلوا قبل مجيئه -بسبب كورونا او لأسباب أخرى، تعددت الأسباب والموت واحد- وآخرين أمد الله في أجلهم ليرى كيف يستقبلون هذا الضيف المبارك، وما عساهم يصنعون؟؟

فاحمد الله ،أخي الكريم أختي الكريمة، أن أدركك شهر رمضان حيا ترزق، واغتنم الفرصة.. إياك إياك أن تضيعها، فإنها من الفرص
النفيسة التي لا تعوض إن فاتت أو ضاعت. جاهد النفس، وغالب الهوى، وقاوم الكسل والخمول والتراخي، وفر إلى الله، فإن الله تعالى قال:  ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) (العنكبوت 69).
فالآية تنص بصريح العبارة على أن السبيل للاهتداء إلى المسالك الموصلة إلى الله ورضوانه، والوسيلة لإصلاح حالنا مع الله والارتقاء في مدارج الإيمان والتقوى؛ هي المجاهدة، المقرونة طبعا بالاستعانة بالله والتوكل عليه وإخلاص النية له جل في علاه.
وإذا كان ذلك ديدن المؤمن في سائر الأيام، فمن باب أولى وأحرى في هذا الشهر الفضيل الذي تضاعف فيه الحسنات، وتعظم فيه القربات، وتعلو فيه المنازل والدرجات.
وتعميما للفائدة ، وتيسيرا على من فاته وضع برنامج مسطر لأعمال فاضلة مقدور عليها بحول الله، أذكر نفسي وأحبتي الكرام بما يلي:

1) العناية بالقرآن الكريم أكثر وأكثر؛ فإن شهر رمضان هو شهر القرآن بامتياز، فيه نزل القرآن، وفي لياليه تدارس جبريل عليه السلام القرآن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم…

وتكون العناية المذكورة بأن نحدد وردا للتلاوة في كل يوم (حزبان أو أربع، كل حسب استطاعته وعلى قدر همته، أي: ختمة او ختمتان في الشهر) قال الله تعالى: (واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا) سورة الكهف. وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “اقرؤوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه” (أخرجه مسلم).
وهذه التلاوة ينبغي أن تكون خاشعة، وكي تكون كذلك لابد من الحرص على تدبر المعاني والتأثر بها أثناء التلاوة، وأن تكون مسبوقة باستحضار واستشعار عظمة المتكلم، وعظمة كلامه، وحضور القلب في التفاعل مع الرسائل والبلاغات الموجهة منه إليك مباشرة.
وإلى جانب التلاوة، نحدد كذلك قدرا معينا للحفظ خلال شهر رمضان المبارك (3 أحزاب أو أكثر، كل على قدر استطاعته وإمكانه) ونستعين على فهم ما استشكل علينا فهمه بالرجوع إلى التفاسير، حتى نجمع بين الحفظ والفهم السليم لمعاني الآيات.

2) المحافظة على الصلوات الخمس المفروضة في اوقاتها؛ قال الله تعالى: (والذين هم على صلواتهم يحافظون)، وقال عز من قائل: (إن الصلاة كانت على المومنين كتابا موقوتا) ، وقد نقل عن السلف قولهم: “من ضيع الصلاة فهو لما سواها أضيع”.

3) صلاة التهجد: قال تعالى: ( إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلا).
وقال عليه الصلاة والسلام:”نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل، فكان بعدُ لا ينام من الليل إلا قليلا” (متفق عليه).
وجاء في حديث أخرجه الإمام مسلم: “أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل”. ومنها صلاة التراويح طبعا، وأفضل أوقات التهجد الثلث الأخير من الليل، حيث ينزل الله تعالى من عليائه إلى السماء الدنيا، ويكون الدعاء أقرب إلى الإجابة.

4) صلاة الشروق: وهي صلاة النافلة عند ارتفاع الشمس قدر رمح (بعد الشروق ب20 دقيقة تقريبا) وهو وقت انتهاء وقت النهي عن الصلاة، وفي بيانها وبيان عظيم فضلها ومنزلتها قال عليه الصلاة والسلام: “من صلى الغداة في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة” رواه الترمذي.

5) صلاة الضحى: وأقلها ركعتان، ومن زاد زاده الله من الأجر والثواب، فعن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال: “يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان تركعهما من الضحى” (أخرجه مسلم).
فالسلامى هو العظم من عظام الجسد، وعددها 360 عظما، وبنص الحديث يجب علينا في كل يوم إخراج هذا العدد من الصدقات، وما دام ديننا لا يأمر إلا بالمستطاع، فقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم طريقة إخراج هذا العدد من الصدقات، في هذا الحديث وفي غيره، وأجمل ذلك كله في ركعتي الضحى، ولله الحمد والمنة.

6) السنن الرواتب، قال عليه الصلاة والسلام: “من صلى في اليوم والليلة اثنتي عشرة ركعة تطوعا بنى الله له بيتا في الجنة” رواه مسلم وغيره.

وهي: رغيبة الفجر التي نصليها عادة + 4 ركعات قبل صلاة الظهر + ركعتان بعد الظهر + ركعتان بعد صلاة المغرب + ركعتان بعد صلاة العشاء.

7) الصدقة: قال الله تعالى: (قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل أن يأتي يومٌ لا بيع فيه ولا خلال) (إبراهيم 31).

وقال تعالى: ( إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا يضاعَف لهم ولهم أجر كريم)، وقال عليه الصلاة والسلام “إن الله قال لي: أنفق اُنفق عليك” (أخرجه مسلم).

أخي الكريم، أختي الكريمة، اشتر من الآن ظلك يوم القيامة حيث تقترب الشمس من رؤوس الأشهاد ويكون الحر شديدا جدا؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الصدقة لتُطفئ عن أهلها حر القبور، وإنما يستظلُّ المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته»؛ (صححه الألباني).

حدد مبلغا -وكن سخيا جوادا- تخرجه تطوعا خلال هذا الشهر الفضيل، واحرص على أن يصل إلى من يستحقه فعلا.

8) الإكثار من الذكر والتسبيح والدعاء:

رطِّب ،أخي الكريم أختي الكريمة، لسانك بذكر الله وبالدعاء، استغفارا وتهليلا وتكبيرا وتسبيحا وتحميدا، وحولقة وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم…إلخ. واستشعر معانيها بقلب خاشع لله رب العالمين، قال الله تعالى: (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين) (الأعراف 205).

وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: “آخر ما فارقت عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قلت له: أي الأعمال خير وأقرب إلى الله؟ قال: أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله عز وجل”. (أخرجه ابن حبان في صحيحه وغيره).

واحرص على أن تذكر الله بما ثبت نقله وفضله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم..

وادع الله وأنت موقن بالإجابة، وليغلب على دعائنا في هذا الموسم خاصة التضرع أي: الدعاء بتذلل وخضوع واستكانة وافتقار وانكسار، لله تعالى راجين منه رفع البلاء ودفع الوباء عنا وعن الإنسانية جمعاء.

9) صلة الرحم:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الرحم متعلقة بالعرش تقول : من وصلني وصله الله ، ومن قطعني قطعه الله” رواه مسلم.

وقال: “ليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها” رواه البخاري.

وإذا تعذر بالمباشر – كما هو الشأن هذا العام- فبالهاتف والمراسلة، والدعاء في ظهر الغيب.

10) قراءة سورة الملك قبل النوم: فقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنها شافعة، ومانعة من عذاب القبر،ففي رواية عن ابن
مسعود رضي الله عنه: “من قرأ تبارك الذي بيده الملك كل ليلة منعه الله عز وجل بها من عذاب القبر، وكنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نسميها المانعة، وإنها في كتاب الله عز وجل سورة من قرأ بها في كل ليلة فقد أكثر وأطاب” رواها النسائي، وحسنه الألباني.

فبادروا- أحبابي الكرام- قبل فوات الأوان، فما أدرانا لعل رمضان هذا آخر عهدنا بشهر النفحات والرحمات والبركات. وحتى إن كانت لنا بقية في العمر، فإن ما ضاع لا يعوض، والجزاء يوم الحساب من جنس العمل.
وفقني الله وإياكم لما يحبه ويرضاه، وثبتنا على الحق حتى نلقاه، وجعلنا من عباده المخلصين المخلَصين وجمعنا بفضله وكرمه في مستقر رحمته إخوانا على سرر متقابلين.

آمين، آمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

آخر اﻷخبار
1 comments

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M