اللغة العربية بين الغربة والانتماء: مسؤولية الأجيال الجديدة
اللغة العربية بين الغربة والانتماء: مسؤولية الأجيال الجديدة
هوية بريس – محمد رمضاني
لطالما تحدث العلماء منذ القدم عن أهمية اللغة في تأسيس الفرد وتكوين هويته إذ تعتبر عنصرا هاماً وأساسياً في وجوده فهي وسيلته لاكتساب المعرفة والتواصل وبناء العلاقات.
مما لا يغيب عليك عزيزي القارئ أن أعداد الجاليات العربية في مختلف أنحاء العالم في تزايد ملحوظ كل عام، وأن ملايين الأسر العربية تعاني من مشكلة تعليم العربية لأبنائها، وهذا الأمر يعتبر معيقا كبيرا ومشكلة حقيقية يتعثر بها أبناء المهجر ويعيشون واقعا صعبا إذ يسمعون ويمارسون اللغة الأجنبية في المدرسة وفي الشارع، الإعلام والتلفاز… طوال اليوم، بينما اللغة العربية أو الدارجة المغربية فتستخدم غالبا في البيت من حين لآخر وهذا الأمر يجعل أبناء المهجر يشعرون أن اللغة الأجنبية أكثر فائدة وأهمية فينحازون إليها ويبتعدون عن لغتهم الأم، وأيضا مما يعتبر مصدرا رئيسيا في الابتعاد عن العربية وتعلمها هو غياب المدارس العربية والمراكز المختصة وقلة الأنشطة من طرف الجمعيات العربية في البلدان الغربية، وأيضا هناك سبب يمكن القول أنه من أكبر العقبات التي تواجه أبناء المهجر هو ضيق الوقت ومعظم الأسر المهاجرة تعيش حياة سريعة فالوالدان يعملان لساعات طويلة والأبناء يقضون معظم وقتهم بين المدرسة والأنشطة الأخرى وبالتالي لا يتبقى للطفل وقت كاف لتعلم العربية.
ما يمكن أن يفكر فيه أي مهاجر له غيرة على أبناءه وخوفه عليهم وعلى أبناء المسلمين أن يضع نصب عينيه أهمية العربية وأن يعي أن العربية ليست مادة دراسية فقط بل هي هوية وثقافة وانتماء ولهذا بالجهد الجماعي يصنع الفارق فالأسرة والمدرسة، المسجد، المجتمع، والمنصات الإلكترونية يجب أن تتكامل وتتعاون وتتوحد لهذه المهمة الصعبة والشاقة والتي لا يحس بها إلا مهاجر ذو ضمير يخاف على أبناءه من الضياع ويخاف على تاريخه وهويته. تعلم العربية ليست مسؤولية جهة واحدة فعندما يرى الطفل أن العربية في البيت والمدرسة والمسجد وفي النشاطات يصبح جزءًا في هويته اليومية وبهذا تعاش وتصبح مدمجة في الحياة اليومية.
لذلك يجب اعتبار العربية جسر هوية الطفل وثقافته وبها يتصل بجذوره وأصوله ودينه وتاريخه، فمن فقد لغته فقد فقد جزءًا من ذاته ومن هويته. ودائما يجب أن نعلم أن تعليم العربية لأبنائنا في دول المهجر هي الطريق للحفاظ على الهوية العربية رغم الغربة.
