رسائل مفتوحة حول “المعادلة” وأخواتها

25 نوفمبر 2016 22:47
رسائل مفتوحة حول "المعادلة" وأخواتها

هوية بريس – عبد العزيز غياتي

قد يخيّل إلى المسؤول السياسي أنّ وضع القطاع الصحّي على ما يرام حين يستحضر مسألة تعميم المساعدة الطبية (راميد) أو عدد الأدوية التي تمّ خفض أثمنتها أو بعض النقاط الإيجابية هنا وهناك والتي ، وإن بدت كذلك فهي لا تعدو كونها نقاط بيضاء على صفحة رمادية .

 فكي يرى الوجه الحقيقي لقطاع الصحّة والظروف التي يتشغل فيها الممرّض الذي يُفترض أن يؤدّي خدمات توسّعت سلّتها مع تعميم بطاقة (راميد) ، ويرى كيف أصبح المجني عليهم ثلاثة ، هم الممرّض والمرتفق والخدمات الصحيّة ، ليرى كلّ ذلك ما عليه سوى زيارة أقسام الاستقبال والمستعجلات بالمستشفيات مثلا ، وزيارة المراكز والمستوصفات القروية عبر كلّ التراب الوطني ، ولمعرفة كلّ الحقيقة وليس نصفها أو ربعها فما عليه سوى تنظيم زيّارات متكرّرة وغير رسمية .

فمن شهد ظروف اشتغال الممرّض عن كتب سيرى العجب ، سيرى ممرّضا يقوم بمهمّة التمريض وكثيرا من مهام الطبيب ، ويزاول مهمّة النظافة ومهمّة الأمن والحراسة ، كما يقوم بمهمّة الساعي الذي ينقل الأدوية والبريد وغيرهما بين المؤسّسة الصحيّة والمصالح المحليّة والإقليمية ، وهكذا وبدل أن يقتصر عمله اليومي على المهام التي تلقّى بشأنها دروسا نظريّة وتداريب ميدانية حيث يحسّ بقليل من الحماية القانونية خلال ممارستها ، وفي غياب نظام أساسي ينظّم المهنة ويحدّد ما له وما عليه ، سُرّبت إلى مهامه الأصليّة مهام أخرى أوّل خطر يتهدّده وقد يحاكم بسببها هي تهمة (انتحال صفة) ، واستحال شغله إلى نظام أقرب إلى السّخرة منه إلى أي شيء آخر ، كما سُرّبت إلى مهام تقنيي الإسعاف وسائقي سيّارة الإسعاف عملية استخلاص ثمن الوقود اللازم لنقل المرضى بصفة مباشرة أو غير مباشرة وهي المهمّة التي يفترض أن يضطلع بها القابض .

و إذا كان الحزب الذي يترأس الحكومة يمارس السيّاسة ، ولهذه الأخيرة حسابات مرتبطة بتسيير الشأن العام ، وإذا افترضنا أنّ للحكومة التي يشارك فيها إكراهات ذاتية وموضوعية تستجديها كلّ حين لتبرّر بها وضع القطاع الصحّي ، فإنّ المركزية النقابية التي تربطها بالحزب شراكة ، والجامعة التي تمثّل القطاع والمنضوية تحت لوائها يُفترض أن يمارسا نشاطا نقابيا تشير بوصلته في اتجاه حقوق الشغّيلة وهمومها ومطالبها ، وليس المطلوب منهما الإغراق في التعاطي مع التوازنات السيّاسيّة وتعقيد الفعل النقابي أكثر من ما هو عليه ، وبالتالي فلا عذر لهما كما لا عذر لباقي النقابات في التقاعس والانتظارية السلبية والتوقّف عن النضال والمطالبة بحقوق الشغيلة الصحيّة التي تمّ الاتفاق عليها منذ 2011 بين الحكومة والمركزيات النقابية ، وعلى رأسها معادلة دبلوم ممرض مجاز من الدولة بالإجازة ووضع نظام LMD والتي تمّ التأكيد عليها في لقاءات تالية ، ولا تفسير يمكنه تبرير هذا السبات الذي يشهده الفعل النقابي والذي تقابله الحركة الدؤوبة في الميدان للحركة من أجل المعادلة التي يوحّد أعضاءها مطلب المعادلة العلمية والإدارية ، والتي أعتقد أنّها تعوّل على حيوية أعضائها وتتوخّى دعم النقابات لنضالها تحت ضغط الفاعلين المنخرطين في هذه النقابات من بين أعضائها .

و إذا جلست النقابة التي تُمثّلك أيّها المناضل أو تتعاطف معها ، مع شقيقاتها النقابات الأخرى في قاعة الانتظار ، وطال انتظارها خروج الحكومة تحمل بين يديها مطالبك في طابق من ذهب مؤَشّر عليها بالموافقة ، إذا استمرّت نقابتك على هذا الحال ولسنوات ، هل ستجلس أنت كذلك في الساحة منتظرا أن تجود نقابتك بملف مطلبي تكون أولى أولوياته مثلا المعادلة العلمية والإدارية والنظام الأساسي للممرّض ، وتصرّ عليه وتنهج من أجل تحقيقه كلّ وسائل الضغط المتعارف عليها ؟ أم أن الأوْلى لك أن تتحرّك وتضغط بثقلك الكمّي والكيفي وعلى الصعيدين الذين يكمّل أحدهما الآخر .

و على الرغم من أنّ الضغط من خارج النقابة لم يستنفد كلّ طاقته فقد أثمر تأسيسَ الحركة من أجل المعادلة التي أعتقد أنّها أبانت عن تميّز في الحيوية والحركية وإبداع في النضال ، والتي أتمنّى أن لا تُقطف جهودها لغير صالح الشغّيلة ، أو تُقطف كلّها ثمرة يانعة من طرف المتربّصين .

أمّا الضغط من الداخل فلم يتخلّص بعد من جاذبية الخجل إن لم يكن منعدما لا تأثير له على مسار النقابة ولا أثر له في أرشيفها النظري والنضالي . فكيف إذن يمكن لفئة الممرّضين أن تفرض انتظاراتها ومطالبها وهمومها على رأس أولويات أجندة النقابة التي تنضوي تحت لوائها ، وتفرض كذلك السبل والأدوات النضالية التي تعتقد أنها كفيلة بتحقيق هذه المطالب ؟ قد لا يكون لهذا السؤال وأسئلة أخرى مشابهة أجوبة آنية جاهزة ، ولكن مع غنى التاريخ الحزبي وتنوّع النضال النقابي لن يعدم الممرّض حيلة وسيهتدي سبيلا.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M