سلسلة منطلقات الخلاف بين أطياف السلفية المعاصرة (ج11)

21 مايو 2016 20:36
هذه حقيقة المداخلة والفكر المدخلي

إعداد: مراد أمقران

هوية بريس – السبت 21 ماي 2016

 خريطة الحركات الجهادية وأهم جيوبها السرية “الشوقيون”:

شوقي الشيخ شخصية عرفتها وسائل الإعلام فيما عرف بأحداث قرية “كحك” في محافظة الفيوم عام 1990م، ينحدر من أسرة معروفة وكبيرة ولازم الشيخ يوسف البدري حتى غدا مهندسا مدنيا فتعرف على القيادي البارز في تنظيم الجهاد طارق الزمر؛ أعجب شوقي الشيخ بصديقه الزمر، وانفتح على أدبيات “تنظيم الجهاد” وأعلن ولائه للتنظيم ما تسبب في دخوله إلى السجن عام 1981م قبل أن يخرج منه بعد اغتيال السادات بأشهر قليلة.

وتردد شوقي الشيخ بعد الإفراج عنه على منطقة الهرم لعله يظفر بخيط يوصله مجددا لتنظيم الجهاد لكنه لم ينجح فانضم إلى تنظيم جهادي آخر عرف في عام 1986م بأنه محاولة لإعادة تأسيس تنظيم الجهاد، لكن التنظيم انكشف للأمن ودخل أقطابه السجن وأصبح شوقي الشيخ نزيلا في سجن طرة، وفي السجن تعرف على بعض دعاة وأقطاب مجموعات التوقف والتبين، ودار بينه وبينهم نقاش متكرر أسفر عن تخلي شوقي عن أدبيات تنظيم الجهاد وتبني عقيدة جديدة اشتقها هو بنفسه من عقائد مجموعات التوقف والتبين.

ولعل أبرز أو أخطر هذه التعديلات التي أسبغ بها شوقي معتقده الجديد تتمثل في الحكم على المتوقف على الأعيان بالبدعة؛ مشددا على ضرورة المبادرة إلى الحكم بالكفر على كل من خالف عقيدته دون توقف منه كما هو شأن مجموعات التوقف والتبين، ونجح شوقي الشيخ في استقطاب آلاف الشباب في معقل نشأته، وكان له تأثير كبير في مجال الحيز الجغرافي الذي كان يعيش فيه.

كان الرجل زعيما حركيا يتمتع بكاريزما خولت له أن يكون أنجح من يروج لفكره الجديد، ولقد مزج شوقي بين فكرة حمل السلاح ضد الحكومة التي تعلمها أيام عضويته في تنظيم الجهاد وبين فكرة تكفير من ليس معه، وأدى هذا الشطط الفكري إلى تسلحه هو والعديد من أتباعه وقيامهم بالعديد من الأعمال المسلحة التي سرعان ما أفضت إلى مواجهة دموية واسعة بينهم وبين الشرطة قتل شوقي الشيخ اثر مواجهات بين مجموعته وبين الشرطة في قرية “كحك” الفيومية عام 1990م، وكأنما شوقي كان هو صمام العنف لدى الشوقيين؛ إذ اندلع بعد موته عنف الشوقيين بأشد ما يكون، ولم يتوانى تنظيم الجهاد كذلك عن تقديم قنابل يدوية لأتباع شوقي بغية استنزاف قوة الحكومة، وبالتالي فقد أمدوا الشوقيين بكل القنابل التي استعملوها في صراعهم المسلح ضد الشرطة طوال الفترة الممتدة من عام 1990م وحتى 1994م، وعندما التأم شمل أغلب قادة الشوقيين وأعضائهم داخل السجون ليخرجوا منها عام 2006م اثر فوز الإخوان المسلمين ب20% من مقاعد مجلس الشعب المصري فيما فسره البعض بأنه مناورة حكومية للتقليل من المد الشعبي للإخوان بإطلاق دعوات التكفير التي تدعو إلى اعتزال المجتمع ومقاطعة الانتخابات على جميع مستوياتها ولا يحسن بنا هنا إغفال ذكر الرافد الثاني من روافد تيار الشوقيين؛ وهو رافد هام جدا أسسه رائد الشرطة السابق حلمي هاشم.

وتجدر الإشارة إلى أن حلمي هاشم لم يسبق له لقاء شوقي الشيخ رغم أن حلمي كان عضوا في تنظيم الجهاد قبل اغتيال السادات مثله في ذلك مثل شوقي، وظل حلمي هاشم قريبا من فكر الجهاد في معظم عقد الثمانينات، واعتقل أواخر الثمانينات والتقى في السجن بمجموعة من سوهاج تعتنق نفس فكر شوقي دون أن تكون على صلة مباشرة به وأقنعت هذه المجموعة حلمي هاشم بهذا الفكر، وعند خروج حلمي من السجن أنشأ مكتبة إسلامية، وألف أكثر من عشرة كتيبات صغيرة تشرح أفكاره الجديدة وانتشرت هذه الكتيبات في أوائل التسعينات -بعد مقتل شوقي الشيخ- بشكل كبير وقد وضع عليها اسما حركيا للمؤلف هو “شاكر نعمة الله” وأصبح بالتالي للشوقيين منهجا فكريا مكتوبا ومنشورا بعدما كان فكرهم مجرد دروس شفهية ألقاها شوقي الشيخ وسجلها أتباعه على شرائط “الكاسيط”.

ولم ينحصر دور حلمي هاشم في صياغة ونشر فكر شوقي الشيخ الذي مات دون أن يراه حلمي ولو مرة واحدة، ولكن كان لحلمي بصمة هامة في تيار الشوقيين وهو تكوينه مجموعات عديدة تابعة له شخصيا نبذت لفترة طويلة مسلك حمل السلاح وأقنع حلمي الأجهزة الأمنية بأن تياره لا ينوي حمل السلاح بعكس تيار الشوقيين وبالتالي أفسحت الأجهزة الأمنية له مجال الدعوة وامتنعت عن اعتقال أتباعه، لكن سرعان ما تلاشى شهر العسل بين حلمي والأجهزة الأمنية في نهايات عام 1998م إثر اكتشافها أن عددا من أتباعه لديهم كمية من الأسلحة المتطورة، وحينئذ جرى اعتقال حلمي هاشم والعديد من أتباعه ومازال حلمي قابعا في السجن إلى يومنا هذا.

 وفي الواقع فإن تيار الشوقيين يوجد له ما يناظره فكريا أو على الأقل يشبهه في بعض الدول خاصة في دول المغرب العربي بينما يندر وجود هذا التيار في دول الجزيرة العربية واليمن.

«حزب الله»:

في عام 1980م؛ أنشأ أحمد طارق بالاشتراك مع الشيخ محجوب جماعة إسلامية صغيرة أطلقوا عليها “حزب الله”، كان الشيخ محجوب شاعرا متميزا دارسا جيدا لعلوم اللغة العربية والفقه الإسلامي، حاول قبل إنشاء جماعة “حزب الله” أن يوفق بين عدد من الجماعات الإسلامية الموجودة على الساحة المصرية لكنه فشل، فلجأ مع أحمد طارق لإنشاء هذه الجماعة الجديدة التي كان لها ميول جهادية، وتم اختيار مدينة الإسكندرية كمعقل لها، اعتقل الشيخ محجوب وغيره من مؤسسي التيار الجديد إثر اغتيال السادات عام 1981م، وأطلق سراحهم بعد عدة شهور قضوها في السجن، استمر وانتعش نشاط الجماعة في الإسكندرية من منتصف الثمانينات وحتى عام 1989م عندما لقي أحمد طارق مصرعه في “حادث سير” تعرضت له سيارته واشتعل حينئذ فتيل نزاع بين القيادات حول من سيخلف أحمد طارق كقائد عام للجماعة.

وكان الشيخ محجوب قد ابتعد عن أنشطة الجماعة قبل مصرع أحمد طارق بسنوات، وتمخض الصراع على القيادة داخل الحزب إلى انقسام الحزب إلى جناحين المجموعة الأولى؛ حملت اسم “حزب الله” واستمرت في العمل بنفس الطريقة وان كان غياب كاريزما أحمد طارق قد أضعفها فضلا عن الضعف الذي أحدثه الانشقاق نفسه المجموعة الثانية التي انشقت عن جماعة “حزب الله” وانضمت إلى تنظيم الجهاد.

ومن أهم أدبيات الجماعة كتابان؛ الأول عن: “وجوب العمل الجهادي” الثاني عن “العذر بالجهل”، ويتضمن ترجيح كفر من ارتكب عملا كفريا وهو جاهل بكون هذا العمل من الكفر؛ وهم بهذا يختلفون في هذه المسألة مع الإخوان المسلمين والسلفية العلمية والسلفية الحركية والجماعة الإسلامية وأغلب تنظيم الجهاد ويتفقون مع بعض تنظيم الجهاد والقطبيين والشوقيين وبعض السلفية الجهادية المعاصرة.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M