شهر من الإنتظار ليكون الإفطار على ما يشبه الأصفار.. الإمتحان الجهوي لمادة التربية الإسلامية السنة الأولى بكالوريا لجهة  مراكش-أسفي دورة يونيو 2016

09 يوليو 2016 21:11
شهر من الإنتظار ليكون الإفطار على ما يشبه الأصفار.. الإمتحان الجهوي لمادة التربية الإسلامية السنة الأولى بكالوريا لجهة  مراكش-أسفي دورة يونيو 2016

هوية بريس – ذ.عبد العزيز الإدريسي

تمهيد لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد!

ماكنت لأكتب هذه الكلمات، لولا دموع التلاميذ والتلميذات، وصدمة الآباء والأمهات، واندهاش الأساتذة والأستاذات، بسبب النتائج الكارثية التي حصل عليها تلاميذ إقليم أسفي في مادة التربية الإسلامية للامتحان الجهوي خصوصا، وباقي المواد (عرببة، اجتماعيات، فرنسية) لجهة مراكش أسفي.

كل ذلك بعد مشوار طويل من الجد والاجتهاد، ثم الاختبار، ثم الانتظار ثم الافطار على ما يشبه الأصفار، كان الله في عون الأخيار…

ولقد استبشر خيرا أساتذة إقليم أسفي بالتحاقهم بالجهة الجديدة (مراكش-أسفي)، نظرا للمعاناة التي عايشوها  زمن الامتحانات  الجهوية لجهة دكالة عبدة سابقا، ويمكن الرجوع إلى بعض مقالتانا في ذات السياق، ولكن هذه البشرى سرعان ما تكسرت على صخرة هذه النتائج الكارثية، وذلك راجع بالأساس إلى الإمتحان الجهوي لمادة التربية الإسلامية الذي سجلنا عليه حزمة ملاحظات، تؤكد بمجملها أن اللجنة المشرفة على وضع أسئلة الامتحانات لم تطور أدائها، ولم تستفد من الطاقات البيداغوجية الهائلة التي تزخر بها الجهة، بالإضافة إلى غياب المقاربة التشاركية، فلم تتصل ولم تستشر ولم تشرك أحدا في الأمر.

تعاقد لا ارتجالية:

يضع الإطار المرجعي لمادة التربية الإسلامية الخطوط العامة والقواعد الناظمة للمادة تدريسا وتقويما، مضامين ومقاصد، قيما وكفايات، وقد حدد الإطار المرجعي الأهداف التالية، ضمانا للموضوعية وتكافؤ الفرص:

  1. توحيد الرؤية بين مختلف اللجن المكلفة بوضع الامتحان الموحد حول ما يجب أن يستهدفه الامتحان بغض النظر عن تعدد الكتاب المدرسي الخاص بكل مادة؛

  1. السعي إلى الرفع من صلاحية مواضيع الامتحانات الإشهادية عبر الرفع من تغطيتها المنهاج الدراسي الرسمي وتمثيليتها له، وذلك في اتجاه التصريف الفعلي لمبدإ تكافؤ الفرص؛

  1. توحيد المرجعيات بالنسبة لكل المتدخلين والمعنيين لجعل الامتحان يقوم على أساس تعاقدي بين جميع الأطراف المعنية، مدرسين وتلاميذ و لجن إعداد المواضيع؛

  1. إيجاد سند لتقويم مواضيع الامتحانات الإشهادية؛

  1. توفير موجهات لبناء فروض المراقبة المستمرة واستثمار نتائجها في وضع الآليات القمينة بضمان تحكم المتعلمين في مضامين المناهج الدراسية والكفايات الأساسية المرتبطة بها.

من خلال ماسبق يتأكد وبالملموس أن اللجنة المشرفة على وضع الإمتحان الجهوي للمادة، لم تلتزم -كما ينبغي- بالإطار المرجعي ،الذي يعتبر تعاقدا بين التلميذ والأستاذ والمفتش التربوي ولجنة الإمتحان.

وبعد دراسة فاحصة لعناصر الأسئلة وعناصر الإجابة وسلم التنقيط سجلنا على هذا الامتحان الجهوي  بعض الملاحظات شكلا ومضمونا.

أولا: الملاحظات الشكلية:

  • أول ما يتفاجأ به التلميذ الممتحن وكذلك الأستاذ المراقب أو الأستاذ المداوم ،هو غياب سلم التنقيط الذي يعتبر موجها ومرشدا للتلميذ أثناء الإجابة، بل وبوصلة للاشتغال، وهذا الإخلال كفيل بإسقاط هذا الإمتحان، وإعادته مرة أخرى، لأن التلميذ بساطة لا يعرف ما هو الحجم الحقيقي لكل سؤال.

ومن باب البيان والقيام بالواجب، اتصلت -شخصيا- في أوائل شهرماي2016 بأحد المفتشين الفضلاء الذي يقوم بمهامه في جهة مراكش أسفي، منبها إياه إلى غياب سلم التنقيط في الامتحان الجهوي لدورة يونيو 2015، حيث أثاره هذا الإخلال الخطير بمواصفات الإمتحان الجهوي ولم يستصغ الأمر إلا بعد أن أرسلت له نسخة منه، وقد طمأنني بأن اللجنة ستستدرك هذا الأمر في هذه السنة، وهو مالم يكن مع الأسف الشديد.

  • الملاحظة  الثانية هي غياب وضعية تقويمية في مكون المواريث، حيث كانت الأسئلة مباشرة، لا تركيب فيها ولا تعقيد، لا تختبر في التلميذ مهارات التحليل والمقارنة و الاستنتاج والتعليل والنقد و الدليل والتعبير عن الموقف، بل هو استرجاع للمعلومات والمعارف، وهذا إخلال بتعاقدات  الإطار المرجعي. إنه التسطيح والتنميط ياسادة!؟.

ولطالما نبهنا  ودربنا تلاميذنا على حتمية وجود وضعيتين تقويميتين في الإمتحان الجهوي، التزاما بتوجيهات الإطار المرجعي، الوضعية الأولى خاصة بمكون الدروس النظرية، والثانية بمكون الإرث.

  • ثالث ملاحظة تتعلق  بالعبارة الواردة في ورقة عناصر الإجابة: تعريف العقود التبرعية انظر (المنار، ص94 والرحاب، ص99) التي تعتبر إهانة لأساتذة المادة، وكأن السادة الأساتذة لا يعلمون ما يدرسون. والله المستعان على ما يصفون!؟.

ثانيا:من ناحية المضمون وغياب الانسجام بين الأسئلة وعناصر الأجوبة:

لكم أن تتصورا أسئلة في الشرق وأجوبة في الغرب!! أي امتحان هذا!؟ وأي اختبار هذا!؟ وأي لجنة هذه!؟  وإليكم الدليل الساطع والبرهان القاطع:

  • السؤال الأول يطلب من التلميذ تحديد الإشكالية، ولا توجد أي إشكالية في الوضعية، وإنما توجد قضية، فالإشكالية تقتضي وجود رأيين -أو أكثر- متعارضين حول موضوع ما، وهذا ما لم تستطع لجنة الامتحان حبكه وصياغته، وعناصر الإجابة تؤكد هذا الملحظ.

  • في السؤال الرابع طلب من التلاميذ اقتراح أربعة أساليب لتنمية خلف العفة، مع الاستدلال بنص شرعي، بعض التلاميذ استدلوا على كل أسلوب، والكارثة العظمى أن الاستدلال ونقطته غير معتبرة في سلم التنقيط وعناصر الإجابة، بمعنى آخر: إنهم يعبثون!

  • أما (ب) في السؤال التاسع فالمطلوب التعبير عن الموقف مع التعليل، في حين أن عنصر الإجابة، لم يتضمن المطلوب، وكانت الإجابة مناقضة للمعقول والمنقول، لأن الوقوع في الاختلاف لا يولد دائما العداوات بين الأفراد.

هذا فيما يخص الموضوع الأول، أما الموضوع الثاني، فقد لوحظ طول النص الذي تم انتخابه لاختبار التلاميذ فيه، ويا ليتهم اقتصروا على الطول، حيث كان السؤال الثالث بمثابة الصدمة المعرفية للتلاميذ، فقد طلب من المتعلمين استخراج القيم الأساسية للعمل التبرعي من الحديث الشريف، وهذه المطلب لا وجود له في الإطار المرجعي. لذلك كان الخلط والخبط في الإجابة على هذا السؤال، ما يجعل تكافؤ الفرص بين التلاميذ شبه منعدم.

أما الموضوع الثالث المتعلق بالإرث فقد تضمن اختلالات تؤكد بأن تنزيل توجيهات الإطار المرجعي بعيدة المنال، بعد عشر سنوات تقريبا من صدوره. وإليكم هذه الملاحظات:

أ- غياب الوضعية التقويمية وقد أشرنا إلى ذلك سالفا.

ب- طلب من التلاميذ الاستدلال بنص شرعي على نصيب الأخ الشقيق في مسألة: هلكت وتركت: (بنتا وبنت ابن وأخا ش وابن أخ ش)، فتضمن الجواب -فقط- الحديث الشريف: “ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر“، والأولى  اعتماد الحديث و الآية في قوله تعالى: “وهو يرثها إن لم يكن لها ولد“.

ج-طلب من التلاميذ تحديد الحاجب والمحجوب ونوعه، وتم الاقتصار في عنصر الاجابة على حجب الحرمان، في حين أن الفريضة تتضمن كذلك حجب النقصان، ومن أجاب بالنقصان اعتبر جوابه خاطئا.

وختاما ننصح بكل صدق وحب اللجنة المكلفة بوضع الإمتحان بمايلي:

  1. ضرورة الإلتزام بالإطار المرجعي إلتزاما يضمن تحقيق مقاصده.

  2. تجديد أعضاء اللجنة باستدماج الكفاءات التي تزخر بها الجهة.

  3. ضرورة إشراك أساتذة أقاليم الجهة في اقتراح وصياغة الإمتحان الجهوي وهذا الأمر الذي لم يتم هذه السنة ،ونرجو ان لا يتكرر في السنة المقبلة.

  4. عدم وضع أسئلة تحتمل أكثر من إجابة واحدة.

وفي الأخير نؤكد بأن هذه الملاحظات -الاختلالات- التي سجلناها على هذا الإمتحان قمينة بإسقاطه، وما أظنه إلا قد سقط.

والسلام.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 عبد العزيز الإدريسي: أستاذ مادة التربية الاسلامية التعليم الثانوي التأهيلي؛ مديرية أسفي.

آخر اﻷخبار
4 تعليقات
  1. الفوضى والارتجالية
    ملاحظة قد تكون صائبة:
    ب- طلب من التلاميذ الاستدلال بنص شرعي على نصيب الأخ الشقيق في مسألة: هلكت وتركت: (بنتا وبنت ابن وأخا ش وابن أخ ش)، فتضمن الجواب -فقط- الحديث الشريف: “ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر“، والأولى اعتماد الحديث و الآية في قوله تعالى: “وهو يرثها إن لم يكن لها ولد“.
    الذي يظهر أن الآية التي أوردتها تتحدث عن الكلالة حيث لم تخلف الهالكة ولدا ذكرا ولا أنثى، وفي المسألة خلفت بنتا

  2. كلام معبر ومعقول لكن هل من مجيب بل هل من مصغ؟ المشكل بات مطروحا ومعروفا وكل سنة ننهل من نفس الكأس المرة لكن هل من حلول منطقية هل توجد طرق للحد من هذا المشكل العويص ….طبعا لا توجد ؟ لكن ….. نتمنى أن يصل كلامك إلى الجهات المعنية وأن يؤخذ بعين الاعتبار فالحملة شرسة على المادة والاستهتار بها أصبح واضحا للعيان ، لكننا نقول أنه رغم كيد الكائدين ستظل التربية الإسلامية التربية التي تهدف إلى تهذيب الخلق وإعلاء الدوافع والارتقاء بالسلوك الإنسانى وتوجيهه نحو خدمة الإنسانية وخيرها فهى لا تعطيه معلومات بقدر ما تعطيه سلوكاً وقيما….

  3. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اﻻنصاف اﻻنصاف يا مدرسوا مادة التربية الاسلامية بدل ان تلقوا بالﻻئمة على تهاون التﻻميذ وفشل اغلبيتهم في اﻻعداد واﻻستعداد والمتابعة حتى داخل الفصل تلقون بها على اللجنة والله ثم والله لللجنة ارحم بالتﻻميذ من اساتذنهم اثناء الفروض والله ثم والله لللجنة اوعى بمصلحة التﻻميذ من غيرها ماذا ستربح ان تدنت معدﻻت التﻻميذ ؟لنكن منصفين العيب فينا وفي طرائق تدريسنا ﻻ نعرف اﻻطار المرجعي اﻻ عند صدور اﻻمتحان اما تنزيله في القسم فﻻ
    الم يستعد اساتذة اسفي ﻻمتحان مراكش؟ لقد ضيع اساتذة اسفي تﻻمذتهم ان لم يخصصوا لهم من الوقت لكي يقفوا على منهجة لجنة مراكش؟ ام تركوهم للجديد ليواجهوه كيفما اتفق؟

  4. حاش أن يكون هذا أستاذا لمادة التربية الاسلامية لأن مضمون كلامه مليء بالحقد والاستهزاء والتحقير لاإخوته في الميدان ربما يكونون في عمر أبيه .وبالتالي فكلامه ونقده لاقيمة له الا إذا قدم نموذجا لامتحان تتجلى فيه المواصفات المثالية والكمالية كما يراها .أما الكلام والنقد فجميع أهل الكرة الارضية يتقنونه.

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M