هل غلاء الأسعار من الله؟

25 مارس 2023 11:40

هوية بريس- متابعة

قال الوزير السابق محمد يتيم في تدوينة مطولة على حسابه ب”فيسبوك”: “يردد بعض الخطباء للأسف الشديد في هذه الفترة التي عرفت فيها الأثمان تصاعدا فاحشا أن الغلاء هو قدر من أقدار الله …. وكأنه يتعين الاستسلام له والرضا به رضاءنا بالاقدار التي تقع خارج ارادتنا .. ويستشهدون ببعض الاحاديث النبوية من قبيل حديث أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعاً الذي ورد فيه: ” قال الناسُ: يارسولَ الله، غَلَا السِّعْرُ فسَعِّرْ لنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إنَّ اللهَ هو المُسَعِّر القابضُ الباسطُ الرازقُ، وإني لأرجو أن ألقى اللهَ وليس أحدٌ منكم يُطالِبُني بمظلمةٍ في دمٍ ولا مالٍ». رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد”.

واستدرك يتيم: “لكن بالرجوع الى الحديث وسياق وروده يتبين أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رفض أن يتدخل في دينامية السوق المحكومة بقانون العرض والطلب وما قد يكون في التسعير من ظلم للتحار الذين قد تختلف جودة السلعة التي يعرضون والجهد الذي يبذلون في اقتنائها وفي عرضها مما قد يحعل التسعير مضرا ببعض التحار ومانعا من مكافأتهم عن الحهد المبذول، ولذلك ورد أيضا في الحديث : «وإني لأرجو أن ألقى اللهَ وليس أحدٌ منكم يُطالِبُني بمظلمةٍ في دمٍ ولا مالٍ» وهذا إشارة إلى أن المانع له من التسعير هو مخافة ظلم التجار في جهدهم وفيما تستحقه جودة سلعتهم بالمقارنة مع سلع أخرى في السوق”.

وقال: “لكن الغلاء و ارتفاع الأسعار إذا كان نتيجة تواطؤ بين الباعة والتجار فإن الغلاء حينئذ يكون أكل مال الناس بالباطل .. ، وإن لم يحصل تواطؤ منهم وإنما ارتفع السعر بسبب كثرة الطلب وقلة العرض، دون احتيال، فليس لولي الأمر أن يحد السعر، بل يترك الرعية يرزق الله بعضهم من بعض”.

وتابع القيادي في حزب “العدالة والتنمية”: “وفي المقابل فإن الغلاء حين يكون ناتجا عن جشع أو احتكار وانتهاز فرصة الندرة او نتيجة التحكم في ولوج السلع للسوق ؛ فإنه يجوز حينها لولي الأمر أن يسعر إذ لا يجوز للتجار أن يرفعوا السعر زيادة عن المعتاد”، مضيفا: “للأسف الشديد فإن بعض الخطباء في سياقنا الحالي يخطبون مؤكدين أن غلاء الأسعار من الله من منطلق توظيف خاطئ لقوله صلى الله عليه وسلم :” إن الله هو المسعر ” !!

وزاد يتيم: “وعلى الرغم من أن الأصل هو أن يكون السوق هو الذي يحدد الأسعار في علاقة بالعرض والطلب وجودة السلعة . فإن مسؤولية الدولة مراقبة الأسعار والضرب على يد المضاربين والنحتكرين ومقاومة الربح الفاحش غير المتناسب وعلي يد التجار المتواطئين من أحل ضرب قوانين المنافسة”.

ثم أوضح: “والواقع أن ما نشهده من غلاء فاحش في الأسعار ليس في الحالة الراهنة ناتجا عن قانون العرض والطلب بل هو نتيجة تحكم واحتكار في السوق وغياب قواعد المنافسة وهوامش الربح الفاحشة الناتجة عن التواطؤ بين كبار التجار كما هو الشأن مثلا بالنسبة للمحروقات”، مشيرا إلى أنه “على العكس من ذلك فإن الاسلام قد تحامل على التجار الفجار وعلى المحتكرين وعلى المطففين في الميزان والمطففين في جودة السلعة … وقد يكون خفض الأسعار ناتحا عن تطفيف أي تطفيفا في الجودة او تطفيفا في الكمية”.

وخلص إلى القول: “غلاء الأسعار ليس مرتبطا بالضرورة بشروط موضوعية من قبل الجودة والعرض والطلب … بل قد يكون ناتجا عن عوامل أخرى من قبيل الاحتكار وغياب المنافسة والتحكم في المنافسة”.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M