استقلال الدول الأفريقية… بعد استقلال الدول الأفريقية!

13 يونيو 2017 18:22
طارق الحمودي: الحجاب فرض قرآني ومن العبث ربطه بـ"مشروع الإسلام السياسي"!!

هوية بريس – ذ. طارق الحمودي

ليست المشكلة في نقص الموارد الطبيعية، بل المشكلة في فساد السياسة المدبرة لها، هذه هي الحقيقة التي لازمت الدول الأفريقية، خاصة ما كان منها جنوب الصحراء.. بل إلى أقصى الجنوب، بعد أن سيطر الأوروبيون على سواحل الدول الأفريقية، وضيقوا عليها سياستها الاقتصادية الخارجية، وتمكنوا من خيراتها، ونهبوها بجشع، مع استعباد وإبادة عرقية.

فلم تكن مظاهر التنمية الفرنسية للدول المستعمرة إلا الاستعداد لبقاء دائم، وقد دخلت القارة الأفريقية الفرنسية منها في سلسلة حركات مطالبة بالاستقلال بدء بمدغشقر سنة 1974م، والتي أخمدها الفرنسيون ببشاعة ووحشية، ثم ستستعاد المبادرة سنة 1956م باستقلال المغرب وتونس، ثم غينيا سنة 1958م ثم باقي الدول الأفريقية السوداء في السنتين التاليتين أي إلى سنة 1960 م، وستكون الجزائر آخر الدول الأفريقية الفرنسية استقلالا سنة 1962م، هكذا كان الأمر، أو هكذا بدا، فهل حققت هذه الدول استقلالها حقا ؟

يذكر الباحثون الفرنسيون أن شارل دوغول حينما كان يمكن هذه الدول من الاستقلال ظاهرا، كان يُثَبت التبعية الاقتصادية والسياسية لهذه البلدان في السر، وقد استمر هذا مع من جاء بعده كفرانسوا ميتران وجاك شيراك وساركوزي، خصوصا مع الدول البترولية مثل الكونغو -التي كانت منقسمة بين فرنسا وبلجيكا- التي تعد أغنى الدول الأفريقية وغيرها.

فقد كانت الحكومة الفرنسية تعين مستشارين لها تابعين للمخابرات بجنب الحكام الموالين لها والذين لم تكن تتردد في دعمهم بتزوير الانتخابات -في نحو 50 حالة- والانقلابات العسكرية كما يقول بعض الباحثين الفرنسيين، وكانت تتدخل في التعيين ظاهرا وباطنا، مستمرة في نهب خيرات الدول الأفريقية مثل البترول واليورانيوم والماس والمعادن الثمينة بعدم التصريح بالكميات الحقيقية التي كانت تستخرج لفرنسا تحت أغطية صفقات تجارية معلنة، وتأسست بذلك مقاولات وسيطة بين الدولة الفرنسية وبين الحكومات العميلة مثل الشركة الفرنسية المشهورة (elf)، وحولت الأموال الخيالية إلى البنوك السويسرية بطرق وحيل اقتصادية.

  كانت الشعوب الأفريقية تُستنزف في خيراتها وتهدد في ثقافتها، لولا أنها التجأت إلى ما يلتجئ إليه المستضعف عادة، فعادت هذه الشعوب إلى جذور ثقافاتها فتشبتت بالأسرة والقبيلة والعادات رغم المحاولات الأوروبية لإشعال نيران الحروب الأهلية باستثارة النعرات القبلية والعرقية التي لم تكن في الغالب إلا مكرا وخدعة على طريقة الجنرال ليوطي وتلامذته، لكنها أغرقت الشعوب الأفريقية في أنهار من الدماء التي سفكت في تلك الحروب الوحشية، والتي كان تزود بالسلاح من نفس الجهة التي أشعلتها، فرنسا ومن معها، بل وتعينهم بمرتزقة توفرهم المخابرات الفرنسية على حد قول بعض المتخصصين الفرنسيين، مع حضور لافت لبعض الشركات الإسرائيلية التي تستفيد من هذه الخيرات الأفريقية في سياق النهب العام والدور الذي تلعبه الحركات الباطنية مثل الماسونية.

  الخلاصة في هذا، أن فرنسا إنما خرجت من هذه الدول الأفريقية حتى تبقى فيها، واستعملت لذلك وكلاء لها في الحكم أو حاولت، وصنعت الانقلابات العسكرية، لتضمن الاستفادة من الخيرات الأفريقية، وهو ما تمارسه الدول الاستعمارية في العالم كله، وفي مثل هذه السياقات يوضع اهتمام المغرب بتمتين علاقاته بدول أفريقيا جنوب الصحراء خاصة، فالعالم يعرف اليوم أنه ستكون للقارة الأفريقية أدوار مهمة جدا في توجيه السياسة العالمية، فتزايد ساكنتها، وكثرة مواردها أساس ذلك، ومن اللافت أن ترى الصين ساعية بجد إلى أن تجد لها أقداما راسخة فيها، بل أن ترى إيران تسعى لإيجاد مدخل لها إلى العالم الأفريقي، خاصة عبر منفذ التشيع.

فأفريقيا اليوم ساحة تنافس ديني واقتصادي وسياسي، وعلى المغرب أن يكون حاضرا بقوة في هذا الحراك العالمي في أفريقيا، بغرض تحقيق مصلحتين، الأمن القومي والتنمية، لكن بعد التخلص من وكلاء فرنسا أولا!

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M