اللقاح والبنات القاصرات والحق والحرية

24 أكتوبر 2021 11:25

هوية بريس – إبراهيم الطالب

كل الحقوقيين مجمعون على أن البنت القاصر لا يحق لأبيها أن يزوجها قبل سن الثامنة عشر، ويعتبرون هذا ظلما من أبيها لها، لأنها قاصر ليس لها كامل الحرية في تقرير مصيرها، ويطالبون الدولة بأن تمنع هذا الزواج الظالم.

فماذا لو رفضت البنت القاصر اللقاح هل يجوز إجبار أبيها لها لكي تأخذ هذا اللقاح مع رفضها له؟؟

في منطق المدافعين عن “الحقوق” بالمغرب لا مانع من الإجبار.

إني شخصيا أعيش هذه الحالة، ولأني أومن بالحرية لم أستطع فرض اللقاح على ابنتي حفظها الله، فهي اليوم في البكالوريا وليس لها بطاقة تعريف وطنية، والمصالح الإدارية تمنع إعطاء الوثائق لغير الملقحين، إذن لا يمكن لهذه القاصر التي ترفض اللقاح أن تجتاز امتحان الباكالوريا.

فأين هي هذه المنظمات الحقوقية؟؟

أين بوعياش ومجلسها الوطني لحقوق الإنسان؟؟

أين المنطق في هذا العبث؟؟

لقد أصبح واضحا أن المنظمات الحقوقية هي دكاكين تبيع أوهامَ “الأمم المتحدة علينا”، ودورها الحقيقي هو تطويع الهوية الإسلامية ومقوماتها لتخضع للعلمانية الدولية، فلا حقوق بحق للمواطن ولا كرامة ولا حرية إلا في السحاق والسدومية والزنا وشرب الخمر والإجهاض.

فبأي حق ستُجبَر القاصرات ويجبر القاصرون على أخذ اللقاح خصوصا عندما يكون سِنّهم فوق الخامسة عشر، حيث يستوعبون ويفهمون ويقررون؟

هذه هي الحرية بالمفهوم المنكوس؛ وهذه هي الحقوق التي تسوّق لتكون خادمة لليبرالية المتوحشة، والتي يكون دورها هو تطويع البشر لأرباب الرأسمال.

فأين الأمم المتحدة التي تمنع حتى أن يخبَر الطفل الذكر بهويته الجنسية حتى يكبر ويقرر جنسه بيده دفاعا عن الحرية؟؟

لماذا نراها اليوم تخضع للشركات الكبرى المصنعة للقاحات؟؟

إننا أمام حقيقة مفادها أن البشرية في ظل هذا النظام الدولي مجرد قطيع من الكائنات شبه الحية مسلوبة الإرادة، تُقتل في الحروب باسم السلام؛ وترتكب في حقها جرائم ضد الإنسانية، فلا يعاقب الجناة ولا يتابعون.

ويفرض الحصار على الأطفال والنساء والعجائز باسم البحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق أيام صدام مثلا، ويموت الآلاف منهم مرضا وجوعا، ولا نرى متابعة لأي مسؤول حكومي..أو دولي.

وتؤسر البنات القاصرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال الصهيوني لأنهن يرفضن الاحتلال والظلم، فمنذ بداية العام، ارتفعت أعداد الأسرى الأطفال الفلسطينيين في سجون الاحتلال إلى 230 طفلاً، موزعين على أقسام الأشبال في سجون (مجدو وعوفر والدامون)، ورغم العذاب والإهانة ورغم كل التقارير المرفوعة إلى الأمم المتحدة امتنعت هذه الأخيرة كالعادة عن تحريك أي ساكن في قضيتهم. وبالمقابل تشن الحروب من أجل إعطاء الحق للطفل في ممارسة الزنا وفي الإجهاض وفي كل شيء هادم للقيم والأسرة انتصارا للحرية، أما إذا أرادت الشركات الكبرى المهيمنة على صناعات اللقاحات أن تفرض اللقاح على القاصرات فلا إشكال ولا اعتراض.

هذا المنطق المنكوس لبعض دكاكين الحقوق، يجعلها تغض الطرف عن استخدام البنات القاصرات الفقيرات في العلب الليلية كأدوات للمتعة المحرمة شرعا وقانونا، وكذلك في مواخير الدعارة الراقية والحقيرة، -والكل يعلم هذا-، لكن إذا أراد آباؤهن تزويجهن صاحت الحقوقيات وهاجت، وطالبن بالمنع الكلي لتزويج القاصرات، دون اعتبار لأعراف ولا واقع البوادي النائية، وإذا أجبرتهن على اللقاح فلا إشكال لأن من يدفع لهم يريد ذلك.

هذا الكيل بمكيالين جعلنا نتخوف على مستقبل بناتنا وأبنائنا، ونريد أن نسأل السيد وزير التعليم وكذا وزير الداخلية هل ستبقى بناتنا وأبناؤنا بلا بطائق تعريف وطنية، ما داموا يرفضون التلقيح؟؟

كيف سينالون حقهم في التعليم واجتياز الامتحانات في هذه الحالة؟؟

التصريح الحكومي يفيد بأن اللقاح ليس إجباريا لكن الدولة تبتز الناس من خلال الضغط عليهم بطرق ملتوية، تجعلهم تحت الإكراه يفرضون على أنفسهم وأبنائهم القُصّر أخذ اللقاح.

ثم لماذا هذا التمييز بين طبقات الشعب، فالتعليم الخاص يفرض التلقيح على أبنائنا، في حين لا يفرض هذا التلقيح في المؤسسات التعليمية العمومية؟؟

الحاصل ألا وجود لحق ولا لعدالة، كل الشعارات تسحق أمام نفوذ الشركات الكبرى المتحكمة في صناعة اللقاحات.
فإذا لم تدافع الحقوقيات والحقوقيون عن حق أبنائنا في الامتناع عن تلقيحهم فلتخرس كل الناعقات بحقوق الطفل والإنسان وحرية البشر، فقد استيقنا أن الجميع خراف في يد الجزار.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M